يقال : صَدَف صَدْفاً وصُدوفاً، إذا مال إلى جانب وأعرض عن الشيء.
وأكثر ما يستعمل أن يكون قاصراً فيتعدّى إلى مفعوله بـ ( عن ).
وقد يستعمل متعدّياً كما صرّح به في "القاموس".
وقلّ التعرّض لذلك في كتب اللغة ولكن الزمخشري في تفسير قوله تعالى في أواخر هذه السورة ﴿ فمن أظلم ممّن كذّب بآيات الله وصدف عنها ﴾ [ الأنعام : ١٥٧ ] قدّر : وصدف الناسَ عنها، مع أنّه لم يتعرّض لذلك في الأساس ولا علّق على تقديره شارحوه.
ولمّا تقدّم ذكر الآيات حُذف متعلِّق ﴿ يصدفون ﴾ لظهوره، أي صدف عن الآيات. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٦ صـ ﴾
فصل
قال الفخر :
روي عن نافع ﴿بِهِ انظر﴾ بضم الهاء وهو على لغة من يقرأ ﴿فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأرض﴾ [ القصص : ٨١ ] فحذف الواو لالتقاء الساكنين فصار ﴿بِهِ انظر﴾ والباقون بكسر الهاء.
وقرأ حمزة والكسائي ﴿يَصْدِفُونَ﴾ باشمام الزاي والباقون بالصاد أي يعرضون عنه.
يقال : صدف عنه أي أعرض والمراد من تصريف الآيات إيرادها على الوجوه المختلفة المتكاثرة بحيث يكون كل واحد منها يقوي ما قبله في الايصال إلى المطلوب فذكر تعالى أن مع هذه المبالغة في التفهيم والتقرير والإيضاح والكشف، انظر يا محمد أنهم كيف يصدفون ويعرضون. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٨٨﴾
فصل
قال الفخر :
قال الكعبي : دلت هذه الآية على أنه تعالى مكنهم من الفهم، ولم يخلق فيهم الاعراض والصد ولو كان تعالى هو الخالق لما فيهم من الكفر لم يكن لهذا الكلام معنى.
واحتج أصحابنا بعين هذه الآية وقالوا : إنه تعالى بين أنه بالغ في إظهار هذه الدلالة وفي تقريرها وتنقيحها وإزالة جهات الشبهات عنها، ثم إنهم مع هذه المبالغة القاطعة للعذر ما زادوا إلا تمادياً في الكفر والغي والعناد، وذلك يدل على أن الهدى والضلال لا يحصلان إلا بهداية الله وإلا بإضلاله فثبت أن هذه الآية دلالتها على قولنا أقوى من دلالتها على قولهم، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٨٨﴾