وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ الله بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً ﴾
الحسن :"بغتة" ليلاً "أو جهرة" نهاراً.
وقيل : بغتة فجأة.
وقال الكسائي : يُقال بَغَتهم الأمرُ يَبغَتهم بَغْتاً وبغتة إذا أتاهم فجأة، وقد تقدّم.
﴿ هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ القوم الظالمون ﴾ نظيره ﴿ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ القوم الفاسقون ﴾ [ الأحقاف : ٣٥ ] أي هل يهلك إلاَّ أنتم لشرككم ؛ والظلم هنا بمعنى الشرك، كما قال لقمان لابنه :﴿ يا بني لاَ تُشْرِكْ بالله إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [ لقمان : ١٣ ]. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٦ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون ﴾
هذا تهديد ثالث فالأول بأحد أمرين : العذاب والساعة، والثاني : بالأخذ والختم، والثالث : بالعذاب فقط.
قيل :﴿ بغتة ﴾ فجأة لا يتقدم لكم به علم وجهرة تبدو لكم مخايلة ثم ينزل.
وقال الحسن :﴿ بغتة ﴾ ليلاً و﴿ جهرة ﴾ نهاراً.
وقال مجاهد :﴿ بغتة ﴾ فجأة آمنين و﴿ جهرة ﴾ وهم ينظرون، ولما كانت البغتة تضمنت معنى الخفية صح مقابلتها للجهرة وبدىء بها لأنها أردع من الجهرة، والجملة من قوله ﴿ هل يهلك ﴾ معناها النفي أي ما يهلك ﴿ إلا القوم الظالمون ﴾ ولذلك دخلت ﴿ إلا ﴾ وهي في موضع المفعول الثاني لأرأيتكم والرابط محذوف أي هل يهلك به؟ والأول من مفعولي ﴿ أرأيتكم ﴾ محذوف من باب الإعمال لما قررناه، ولما كان التهديد شديداً جمع فيه بين أداتي الخطاب والخطاب لكفار قريش والعرب وفي ذكر الظلم تنبيه على علة الإهلاك والمعنى هل يهلك إلا أنتم لظلمكم؟. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾