(قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ). قَوْلُهُ تَعَالَى :(أَرَأَيْتَكُمْ) هُوَ عِنْدَ جُمْهُورِ عُلَمَاءِ الْعَرَبِيَّةِ بِمَعْنَى (أَخْبِرُونِي) وَالتَّاءُ ضَمِيرُ
رَفْعٍ، وَالْكَافُ حَرْفُ خِطَابٍ أُكِّدَ بِهِ الضَّمِيرُ لَا مَحَلَّ لَهُ، وَتَتَغَيَّرُ حَرَكَتُهُ بِاخْتِلَافِ الْمُخَاطَبِ دُونَ التَّاءِ ؛ فَتَظَلُّ مَفْتُوحَةً فِي الْمُؤَنَّثِ وَالْمُثَنَّى وَالْجَمْعِ، وَقَدْ أَطَالُوا الْقَوْلَ فِي الْمَذَاهِبِ وَالْآرَاءِ فِي إِعْرَابِهِ وَمَعْنَاهُ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ وَبَعْضِ كُتُبِ التَّفْسِيرِ. وَأَقُولُ : إِنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ (أَرَأَيْتَكُمْ) فِي خِطَابِ الْجَمْعِ بِالْكَافِ وَالْمِيمِ لَمْ تُذْكَرْ إِلَّا فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَفِي الْآيَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَ بِضْعِ آيَاتٍ، وَذُكِرَتْ فِي خِطَابِ الْمُفْرَدِ بِالْكَافِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ " سُورَةِ الْإِسْرَاءِ " :(أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ) (١٧ : ٦٢) إِلَخْ، وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ اسْتِفْهَامٌ فِي الْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ، وَلَكِنَّ الْمُفَسِّرِينَ قَدَّرُوا فِيهَا اسْتِفْهَامًا مَحْذُوفًا. قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ كَغَيْرِهِ : وَالْمَعْنَى : أَخْبِرْنِي عَنْ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ بِأَمْرِي بِالسُّجُودِ لَهُ، لِمَ كَرَّمْتَهُ عَلَيَّ ؟ وَجَعَلَ قَوْلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ :(لَئِنْ أَخَّرْتَنِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) (١٧ : ٦٢) إِلَخْ كَلَامًا مُبْتَدَأً.


الصفحة التالية
Icon