وَأَمَّا التَّوْحِيدُ الْخَالِصُ فَهُوَ الْإِيمَانُ الْجَازِمُ بِأَنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ بِمَحْضِ إِرَادَتِهِ الْأَزَلِيَّةِ الْمُنَزَّهَةِ عَنْ تَأْثِيرِ الْحَوَادِثِ فِيهَا، وَأَنَّ جَمِيعَ الْخَلْقِ مُسَخَّرُونَ بِإِرَادَتِهِ وَتَدْبِيرِهِ، خَاضِعُونَ لِسُنَنِهِ وَتَقْدِيرِهِ، لَا يَمْلِكُ أَحَدٌ مِنْهُمْ لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ شَيْئًا إِلَّا فِي دَائِرَةِ الْأَسْبَابِ الَّتِي جَعَلَهَا بَيْنَهُمْ شَرَعَا، وَأَنَّ الْوَسَاطَةَ بَيْنَ اللهِ تَعَالَى وَعِبَادِهِ مَحْصُورَةٌ فِي تَبْلِيغِ رِسَالَتِهِ إِلَيْهِمْ دُونَ تَصَرُّفِهِ فِيهِمْ، وَأَنَّ شَفَاعَةَ الْآخِرَةَ لِلَّهِ وَحْدَهُ، يَأْذَنُ لِمَنْ شَاءَ إِذَا شَاءَ بِمَا شَاءَ مِنَ الدُّعَاءِ لِمَنْ يَشَاءُ مِمَّنِ ارْتَضَى. وَمِنْ دَلَائِلِ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى لِخَاتَمِ رُسُلِهِ :(لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) (٣ : ١٢٨) (قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ) (٣ : ١٥٤) (قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ) (٧ : ١٨٨) (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مِنْ يَشَاءُ) (٢٨ : ٥٦) (قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللهِ وَرِسَالَاتِهِ) (٧٢ : ٢١ - ٢٣) (قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا) (٣٩ : ٤٤) (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ) (٢ : ٢٥٥) (وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) (٢١ : ٢٨) إِلَخْ..