وقال ابن عطية :
وأوعد الذين سلكوا طريق النذارة فكذب بآيات الله، وفسق أي خرج عن الحد في كفرانه وعصيانه، وقال ابن زيد : كل فسق في القرآن فمعناه الكذب، ذكره عنه الطبري مسنداً و﴿ يمسهم ﴾ أي يباشرهم ويلصق بهم، وقرأ الحسن والأعمش ﴿ العذاب بما ﴾ بإدغام الباء في الباء، ورويت عن أبي عمرو، وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش " يفسِقون " بكسر السين وهي لغة. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال أبو السعود :
وقوله عز وجل :﴿ والذين كَذَّبُواْ ﴾ عطفٌ على مَنْ آمن داخلٌ في حكمه وقوله تعالى :﴿ بآياتنا ﴾ إشارة إلى أن ما ينطِقُ له الرسلُ عليهم السلام عند التبشير والإنذار ويبلّغونه إلى الأمم آياتُه تعالى، وأن من آمن به فقد آمن بآياته تعالى، ومن كذب به فقد كذب بها، وفيه من الترغيب في الإيمان والتحذيرِ عن تكذيبه ما لا يخفى. والمعنى ما نرسل المرسلين إلا ليُخبروا أممهم من جهتنا بما سيقع منا من الأمور السارّة والضارّة لا ليُوقعوها استقلالاً من تلقاء أنفسهم، أو استدعاءً من قِبَلِنا، حتى يقترحوا، فإذا كان الأمرُ كذلك فمن آمن بما أَخبروا به من قبلنا تبشيراً أو إنذاراً في ضمن آياتنا، وأصلح ما يجب إصلاحُه من أعماله، أو دخل في الصلاح فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون. والذين كذبوا بآياتنا التي بُلِّغوها عند التبشير والإنذار ﴿ يَمَسُّهُمُ العذاب ﴾ أي العذاب الذي أُنذِروه عاجلاً، أو آجلاً، أو حقيقةُ العذاب وجنسُه المنتظمُ له انتظاماً أولياً ﴿ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ ﴾ أي بسبب فسقهم المستمر الذي هو الإصرارُ على الخروج عن التصديق والطاعة. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية