و﴿ مِن دُونِهِ ﴾ متعلق بمحذوف وقع حالاً من اسم ليس لأنه في الأصل صفة له فلما قدم عليه انتصب على الحالية، والحال الأولى لإخراج الحشر الذي لم يقيد بها عن حيز الخوف وتحقيق أن ما نيط به الخوف ( هو الحشر على ) تلك الحالة لا الحشر كيفما كان ضرورة أن المعترفين به الجازمين بنصرة غيره تعالى بمنزلة المنكرين له في عدم الخوف الذي يدور عليه أمر الإنذار والحال الثانية لتحقيق مدار خوفهم وهو فقدان ما علقوا به رجاءهم وذلك إنما هو ( ولاية ) ( ١ ) غيره سبحانه كما في قوله جل شأنه :﴿ وَمَن لاَّ يُجِبْ دَاعِىَ الله فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِى الأرض وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء ﴾ [ الأحقاق : ٣٢ ] وليست لإخراج الولي الذي لم يقيد بها عن حيز الانتفاء لاستلزامه ثبوت ولايته تعالى لهم كما في قوله سبحانه :﴿ وَمَا لَكُم مّن دُونِ الله مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِيرٍ ﴾ [ البقرة : ١٠٧ ] وذلك فاسد.
والمعنى أنذر به الذين يخافون حشرهم غير منصورين من جهة أنصارهم بزعمهم قاله شيخ الإسلام، ثم قال : ومن هذا اتضح أن لا سبيل إلى كون المراد بالخائفين المفرطين من المؤمنين إذ ليس لهم ولي ولا شفيع سواه عز وجل ليخافوا الحشر بدون نصرته وإنما الذي يخافونه الحشر بدون نصرته سبحانه انتهى.
وهو تحقيق لم أره لغيره ويصغر لديه ما في "التفسير الكبير"، ولعل ما روي عن ابن عباس والحسن رضي الله تعالى عنهم لم يثبت عنهما فتدبر. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾
قوله تعالى ﴿لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾
فصل
قال الفخر :
قال ابن عباس : معناه وأنذرهم لكي يخافوا في الدنيا وينتهوا عن الكفر والمعاصي.
قالت المعتزلة : وهذا يدل على أنه تعالى أراد من الكفار التقوى والطاعة، والكلام على هذا النوع من الاستدلال قد سبق مراراً. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٩٣﴾