فصل


قال الفخر :
معنى الآية أن الله تعالى قال لمحمد عليه السلام : قل يا محمد لهؤلاء الكفار إن أتاكم عذاب الله في الدنيا وأتاكم العذاب عند قيام الساعة، أترجعون إلى غير الله في دفع ذلك البلاء والضر أو ترجعون فيه إلى الله تعالى ؟ ولما كان من المعلوم بالضرورة أنهم إنما يرجعون إلى الله تعالى في دفع البلاء والمحنة لا إلى الأصنام والأوثان، لا جرم قال ﴿بَلْ إياه تَدْعُونَ﴾ يعني أنكم لا ترجعون في طلب دفع البلية والمحنة إلا إلى الله تعالى. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٢ صـ ١٨٤﴾
وقال أبو حيان :
﴿ قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين ﴾ هذا ابتداء احتجاج على الكفار الذين يجعلون لله شركاء.
قال الكرماني :﴿ أرأيتكم ﴾ كلمة استفهام وتعجب وليس لها نظير.
وقال ابن عطية : والمعنى : أرأيتكم إن خفتم عذاب الله أو خفتم هلاكاً أو خفتم الساعة أتدعون أصنامكم وتلجؤون إليها في كشف ذلك إن كنتم صادقين في قولكم إنها آلهة بل تدعون الله الخالق الرازق فيكشف ما خفتموه إن شاء وتنسون أصنامكم أي تتركونهم؟ فعبر عن الترك بأعظم وجوهه الذي هو مع الترك ذهول وإغفال، فكيف يجعل إلهاً من هذه حاله في الشدائد؟ و﴿ أتاكم عذاب الله ﴾ أتاكم خوفه وأماراته وأوائله مثل الجدب والبأساء والأمراض التي يخاف منها الهلاك كالقولنج ويدعو إلى هذا التأويل إنا لو قدرنا إتيان العذاب وحلوله لم يترتب أن يقول بعد ذلك : فيكشف ما تدعون لأن ما قد صح حلوله ومضى لا يصح كشفه، ويحتمل أن يريد بالساعة في هذه الآية ساعة موت الإنسان ؛ انتهى.


الصفحة التالية
Icon