وقال السمرقندى :
﴿ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكّرُواْ بِهِ ﴾ يعني : الأمم الخالية حين لم يعتبروا بالشدة ولم يرجعوا :﴿ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلّ شَىْء ﴾ من النعم والخصب ويقال : إن الله تعالى يبتلي العوام بالشدة، فإذا أنعم عليهم يكون استدراجاً.
وأما الخواص فيبتليهم بالنعمة والرخاء فيعرفون ويعدّون ذلك بلاء.
كما روي في الخبر : إن الله تعالى أوحى إلى موسى بن عمران إذا رأيت الفقر مقبلاً إليك فقل : مرحباً بشعار الصالحين.
وإذا رأيت الغنى مقبلاً إليك فقل : ذنب عجلت عقوبته فهؤلاء الذين أرسل إليهم، ابتلاهم الله تعالى بالشدة، فلم يعتبروا ولم يرجعوا، فتح عليهم أبواب كل خير عقوبة لهم لكي يعتبروا فيها.
قال الفقيه : حدّثنا الخليل بن أحمد قال : حدّثنا عبد الله بن أحمد قال : حدّثنا أبو عتبة قال : حدّثنا محمد بن حمير عن شهاب بن خراش عن حرملة عن عقبة بن مسلم عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله ﷺ :" إذا رَأَيْتَ الله يُعْطِي عَبْداً مِنَ الدُّنْيَا عَلَى مَعْصِيَةٍ مِمَّا يُحِبَّ فإنَّمَا ذلك مِنْهُ اسْتِدْرَاج " ثم قرأ رسول الله ﷺ ﴿ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلّ شَىْء ﴾ الآية.
وقال الحسن : والله ما أحد من الناس بسط الله له في الدنيا فلم يخف أن يكون قد مكر له فيها إلا كان قد نقص عمله وعجز رأيه.
وما أمسكها الله تعالى عن عبد فلم يظن أنه قد خير له فيها إلا كان قد نقص عمله وعجز رأيه.
﴿ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكّرُواْ بِهِ ﴾ يعني : تركوا ما وعظوا به ﴿ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلّ شَىْء ﴾ يعني : أرسلنا عليهم كل خير.
ويقال :﴿ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلّ شَىْء مِنَ الرزق ﴾ قرأ ابن عامر :﴿ فَتَحْنَا ﴾ بالتشديد على معنى المبالغة.


الصفحة التالية
Icon