وقرأ ابن عامر فتحنا بتشديد التاء والتشديد لتكثير الفعل وإذا هي الفجائية وهي حرف على مذهب الكوفيين وظرف مكان، ونسب إلى سيبويه وظرف زمان وهو مذهب الرياشي والعامل فيها إذا قلنا بظرفيتها هو خبر المبتدإ أي، ففي ذلك المكان ﴿ هم مبلسون ﴾ أي مكان إقامتهم وذلك الزمان ﴿ هم مبلسون ﴾ وأصل الإبلاس الإطراق لحلول نقمة أو زوال نعمة.
قال الحسن : مكتئبون.
وقال السدي : هالكون.
وقال ابن كيسان وقطرب : خاشعون.
وقال ابن عباس : متحيرون.
وقال الزجاج : متحسرون.
وقال ابن جرير : الساكت عند انقطاع الحجة. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾
وقال ابن كثير :
﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ ﴾ أي : أعرضوا عنه وتناسوه وجعلوه وراء ظهورهم ﴿ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ أي : فتحنا عليهم أبواب الرزق من كل ما يختارون، وهذا استدراج منه تعالى وإملاء لهم، عياذا بالله من مكره ؛ ولهذا قال :﴿ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا ﴾ أي : من الأموال والأولاد والأرزاق ﴿ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً ﴾ أي : على غفلة ﴿ فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾ أي : آيسون من كل خير.
قال الوالبي، عن ابن عباس : المبلس : الآيس.
وقال الحسن البصري : من وسع الله عليه فلم ير أنه يمكر به، فلا رأي له. ومن قَتَر عليه فلم ير أنه ينظر له، فلا رأي له، ثم قرأ :﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾ قال الحسن : مكر بالقوم ورب الكعبة ؛ أعطوا حاجتهم ثم أخذوا. رواه ابن أبي حاتم.
وقال قتادة : بَغَت القومَ أمرُ الله، وما أخذ الله قومًا قط إلا عند سكرتهم وغرتهم ونعيمهم فلا تغتروا بالله، إنه لا يغتر بالله إلا القوم الفاسقون. رواه ابن أبي حاتم أيضًا.