والثاني : أنه مرفوع المَحَلّ على أنه مبتدأ، والخبر : مَنَّ اللَّهُ عليهم، وهذا وإن كان سَالِماً من الإضْمَارِ الموجود في الوجه الذي قبله، إلاَّ أنه مَرْجوحٌ لما تقدَّم، و" عليهم " مُتعلِّقٌ بـ " مَنَّ ".
و" من بَيْنِنَا " يجوز أن يتعلَّق به أيضاً.
قال أبو البقاء :" أي مَيَّزَهُمْ عَلَيْنَا، ويجوز أن يكون حالاً ".
قال أبو البقاء أيضاً : مَنَّ عليهم منفردين، وهذان التفسيران تفسيرا مَعْنِى لا تفسيراً إعراب، إلاَّ أنه لم يَسُقْهُمَا إلاَّ تَفْسِيرَيْ إعراب.
والجملة من قول :" أهؤلاءِ مَنَّ اللِّهُ " الفرقُ بين الباءين أن الأولى لا تعلُّق لها لكونها زَائِدة في خبر " ليس "، والثانية متعلّقة بـ " أعلم " وتعدِّي العمل بها لِمَا ضُمِّن من معنى الإحاطَةِ، وكثيراً ما يقع ذلك في عبارة العلماء، فيقولون : علم بكذا والعلم بكذا لما تقدَّم. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٨ صـ ١٦٩ ـ ١٧٠﴾
من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
قال عليه الرحمة :
﴿ وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (٥٣) ﴾
أمَّا الفاضل فَلْيشكرْ، وأمَّا المفضول فليَصْبِرْ.
ويقال سبيل المفضول على لسان المحبة الشكر، ولا يتقاصر شكره عن شكر الفاضل، قال قائلهم في معناه :
أتاني منكِ سبُّكِ لي فَسُبِّي... أليس جَرَى بفيكِ اسمي؟ فَحَسْبِي
وقال آخر :
وإِنَّ فؤاداً بِعْتُه - لَكَ شاكرٌ... وإِنَّ دَمَاً أجريتُه - لَكَ حامدُ. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٤٧٦ ـ ٤٧٧﴾


الصفحة التالية
Icon