ومن الناس من قال : إن هذه الآية تقوي مذهب المعتزلة حيث ذكر سبحانه في بيان سعة رحمته أن عمل السوء إذ قارن الجهل والتوبة والإصلاح فإنه يغفر، ولذا قيل : إنها نزلت في عمر رضي الله تعالى عنه حيث قال لرسول الله ﷺ : لو أجبتهم لما قالوا لعل الله تعالى يأتي بهم ولم يكن يعلم المضرة ثم إنه تاب وأصلح حتى أنه بكى وقال معتذراً : ما أردت إلا خيراً.
وأورد عليه أنه من المقرر أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فنزولها في حق عمر رضي الله تعالى عنه لا يدفع الإشكال.
وتعقب بأن مراد المجيب أن اللفظ ليس عاماً وخطاب ﴿ مّنكُمْ ﴾ لمن كان في تلك المشاورة والعامل لذلك منهم عمر رضي الله تعالى عنه فلا إشكال.
وأنت تعلم أن بناء الجواب على هذه الرواية ليس من المتانة بمكان إذ للخصم أن يقول : لا نسلم تلك الرواية.
فلعل الأولى في الجواب أن ما ذكر في الآية إنما هو المغفرة الواجبة حسب وجوب الرحمة في صدر الآية.
ولا يلزم من تقييد ذلك بما تقدم تقييد مطلق المغفرة به.
فحينئذ يمكن أن يقال : إنه تعالى قد يغفر لمن لم يتب مثلاً إلا أنه سبحانه لم يكتب ذلك على نفسه جل شأنه فافهم فإنه دقيق. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾
ومن فوائد ابن عاشور فى الآية
قال رحمه الله :
﴿وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ﴾
عطف على قوله ﴿ ولا تطرد الذين يدعون ربّهم ﴾ [ الأنعام : ٥٢ ] وهو ارتقاء في إكرام الذين يدْعون ربَّهم بالغداة والعشي.
فهم المراد بقوله :﴿ الذين يؤمنون بآياتنا ﴾.
ومعنى ﴿ يؤمنون بآياتنا ﴾ أنَّهم يوقنون بأنّ الله قادر على أن ينزّل آيات جمَّة.
فهم يؤمنون بما نزّل من الآيات وبخاصّة آيات القرآن وهو من الآيات، قال تعالى :﴿ أو لم يكفهم أنَّا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم ﴾ [ العنكبوت : ٥١ ].