فتأويل الكلام إذًا : يا محمد، أنذر القرآن الذي أنزلته إليك، الذين يعلمون أنهم إلى ربهم محشورون فهم من خوف ورودهم على الله الذي لا شفيع لهم من دونه ولا نصير، في العمل له دائبون إذ أعرض عن إنذارك واستماع ما أنزل الله عليك المكذبون بالله واليوم الآخر من قومك، استكبارًا على الله ولا تطردهم ولا تُقْصِهم، فتكون ممن وضع الإقصاء في غير موضعه، فأقصى وطرد من لم يكن له طرده وإقصاؤه، وقرّب من لم يكن له تقديمه بقربه وإدناؤه، فإن الذين نهيتُك عن طردهم هم الذين يدعون ربهم فيسألونه عفوه ومغفرته بصالح أعمالهم، وأداء ما ألزمهم من فرائضه، ونوافل تطوّعهم، وذكرهم إياه بألسنتهم بالغداة والعشي، يلتمسون بذلك القربة إلى الله، والدنوّ من رضاه " ما عليك من حسابهم من شيء "، يقول : ما عليك من حساب ما رزقتهم من الرزق من شيء وما عليهم من حساب ما رزقتك من الرزق من شيء " فتطردهم "، حذارَ محاسبتي إياك بما خوّلتهم في الدنيا من الرزق.
وقوله :" فتطردهم "، جواب لقوله :" ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء ".
وقوله :" فتكون من الظالمين " جواب لقوله :" ولا تطرد الذين يدعون ربهم ". أ هـ ﴿تفسير الطبرى حـ ١٠ صـ ٣٨٧ ـ ٣٨٨﴾


الصفحة التالية
Icon