وإذا سمعت قول الله :﴿ كَتَبَ رَبُّكُمْ على نَفْسِهِ الرحمة ﴾ فالكتابة تدل على التسجيل، ولا أحد يوجب على الله شيئاً لأنه خالق الكون، وله في الكون طلاقة المشيئة، فلا أحد يكتب عليه شيئاً ليلزمه به، ولكنه سبحانه هو الذي أوجب على نفسه الرحمة. ونأخذ كلمة " نفسه " في إطار ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾، ذلك أن النفس عند البشر هي الجسم والدم والحركة والحياة، ولكن ماذا عندما تأتي كلمة " النفس " منسوبة إلى الله؟ المراد - إذن - هو الذات الإلهية. وإن لم تأخذ مراد الكلمة بهذا المعنى فأنت تدخل إلى مخالفات كثيرة وقانا الله وإياك شرورها.
وأؤكد هذا المعنى ليستقر في ذهن كل مؤمن، أن النفس بالنسبة للكائن الحي غيرها بالنسبة لله، ولا بد أن نأخذ أي شيء منسوب إلى الله في إطار ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ ؛ لأن النفس بالنسبة للكائن الحي عبارة عن امتزاج الروح بالمادة، والمادة مكونة من أبعاض. وإن لم تأخذ المراد من نفس الله على ضوء ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾، فأنت - والعياذ بالله - تنفي عن الحق " الأحدية ".
ونعرف أن للحق سبحانه وتعالى " وصفين " يتحدان في المادة وفي الحروف : الأول هو " واحد ".