والآخر هو " أحد ". والسطحيون في الفهم يظنون أن " واحداً " معناها " أحد ". ونقول : لا، إن " واحداً " لها مدلول، و" أحدًا " لها مدلول آخر. فعندما نقول :" إن الله واحد " أي لا يوجد فرد ثان من نوعه فليس له مثيل ولا شبيه ولا نظير. وعندما نقول :" إن الله أحد " أي أنه لا يتكون من أبعاض يحتاج بعضها إلى البعض الآخر لتكوين الكل، لأن الشيء قد يكون واحداً وليس أحدًا. ولذلك نؤكد الفارق بين :" واحد " و" أحد "، وحتى يعرفه كل مؤمن جيداً فهو - سبحانه - واحد لا يوجد فرد ثان يشاركه في وحدانيته، فهو واحد لا شريك له، وهو أحد جل وعلا أي ليس له أبعاض يحتاج بعضها إلى بعض. وسبق أن أوضحنا أن هناك شيئا اسمه :" كل " وشيئاً آخر اسمه " كلي ". والكل هو المكون من أجزاء، كل جزء منها لا يؤدي الحقيقة، وإنما لا يُؤدي الكل إلا بضميمة الأجزاء بعضها إلى بعض.
ومثال ذلك الكرسي : إنه مكون من خشب ومسامير وغراء، فلا يقال للخشب كرسي، ولا يقال للمسامير كرسي، ولا يقال للغراء كرسي. ولكن يقال للشيء المصنوع من كل هذه الأشياء على هيئة محددة : إنه كرسي. إذن ف " الكل " له أجزاء تجتمع لتكوّنه. والكلّي يمكن أن تطلق على الإنسان، ولكن في الجنس البشري هناك أفراد كثيرون له.
وعلى ذلك فالحق سبحانه وتعالى ليس " كُلاًّ " أي لا أجزاء له لأنه أحد، وليس " كلياً " لأنه لا شيء مثله ؛ فسبحانه وتعالى واحد أحد. ولهذا نفهم جميعاً أن كل شيء منسوب إلى الله ينبغي أن يكون في إطار :﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾.