ما معنى إنزال مثل هذه النصوص؟ معنى إنزال هذه النصوص أن الحق سبحانه وتعالى يعلم أن الإنسان قد يضعف في بعض مطلوبات الدين فيقع في معصية، ولا بد أن يوجد عقاب عليها. واحترم الحق بذلك تكوين الإنسان عندما منحه الاختيار، فوضع الثواب والعقاب. وكما وضع الحق النص على الجرائم وعقوبتها فهو سبحانه وتعالى قد فتح باب التوبة لخلقه، حتى لا يكون الذي عصى الله مرة واحدة فاقداً للأمل، حتى لا يشقى المجتمع بهؤلاء العصاة. وشرع الحق التوبة للخلق ليرحهم من شرور من ارتكبوا المعاصي، وليرحم أيضاً أصحاب المعاصي ما داموا قد تابوا عنها. وقد يرحم الله بعض خلقه من المعاصي فيحفظهم منها.
وهو الحق القائل :﴿ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ ليتوبوا إِنَّ الله هُوَ التواب الرحيم ﴾ [ التوبة : ١١٨ ].
سبحانه - إذن - يهدي إلى التوبة ويعفو، وهو عظيم الرحمة بالعباد التوابين.
ومن ظواهر رحمة الله سبحانه :﴿ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سواءا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [ الأنعام : ٥٤ ].
والسوء هو الأمر المنهي عنه من الله. هل هناك من يعمل السوء بجهالة؟. بعضنا يفهم الجهالة فهماً سطحياً على أساس أنها " عدم العلم " ؛ لا. إنَّ الذي لا يعلم هو الأمي الخالي الذهن، والجهالة غير الجهل، فالجهل هو أن يعلم الإنسان حكماً ضد الواقع، كأن يكون مؤمناً بعقيدة تخالف الواقع. ومعالجة الجهل تقتضي أن ننزع منه هذه العقيدة التي هي ضد الواقع ثم نقنعه بالعقيدة المطابقة للواقع.


الصفحة التالية
Icon