من هذا الجنس وأتى بالتاء الدالة على الوحدة إيذانا بأن هذا التفضيل ثابت لكل فرد فرد
من أفراد الجنس ومنه تأويل سيبويه في قوله تعالى: ﴿طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ﴾ "فإنه قدره طاعة أمثل وقول معروف أشبه وأجدر بكم وهذا أحسن" من قول بعضهم: أن المسوغ للابتداء بها هاهنا العطف عليها لأن المعطوف عليها موصوف فيصح الابتداء به وإنما كان قول سيبويه أحسن لأن تقييد المعطوف بالصفة لا يقتضي تقييد المعطوف عليه بها ولو قلت طاعة أمثل لساغ ذلك وإن لم يعطف عليها ومنه وقوع النكرة في سياق تفصيل بعد إجمال كما إذا قلت اقسم هذه الثياب بين هؤلاء فثوب لزيد وثوب لعمرو وثوب لبكر فإن النكرة هاهنا تخصصت وتعينت وزال إبهامها وشياعها في جنس الثياب بل تخصصت بتلك الثياب المعينة فكأنك قلت ثوب منها لزيد وثوب منها لعمرو وهذا تقييد وتخصيص ومنه الابتداء بالنكرة إذا لم يكن الكلام خبرا محضا بل فيه معنى التزكية والمدح فمن ذلك قولهم أمت في الحجر لا فيك لأنهم لم يقولوا أمت في الحجر وسكتوا حتى قرنوه بقولهم لا فيك فصار معنى الكلام نسبة الأمت إلى الحجر أقرب من نسبته إليك والأمت بالحجر أليق به منك لأنهم أرادوا تزكية المخاطب ونفي العيب عنه ولم يريدوا الإخبار عن أمت بأنه في الحجر بل هو في حكم النفي عن الحجر وعن المخاطب معا إلا أن نفيه عن المخاطب أوكد وإذا دخل الحديث معنى النفي فلا غرو أن يبتدأ بالنكرة لما فيه من العموم والفائدة قولهم شر أهر ذا ناب ومن هذا قولهم شر أهر ذا ناب وفيه تقديران أحدهما : أنه على الوصف أي شر عظيم أو شر مخوف أهره والثاني: أنه في معنى كلام آخر وهو ما أهر ذا ناب إلا شر أو إنما أهره شر ولا ريب في في صحة المسألة على وجه الفاعلية فهكذا إذا كانت على وجه المبتدأ والخبر الذي في معناه ومنه قولهم شر ما جاء به لأن معنى الكلام ما جاء به إلا شر فأدت ما الزائدة هنا معنى شيئين النفي والإيجاب كما أدته في قولك إنما جاء به شر وفي قوله تعالى: ﴿فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ﴾ أي ما يؤمنون إلا قليلا وقليلا ما يذكرون


الصفحة التالية
Icon