وهذا أكثر من إيراد شواهده فإذا كان معقولا أن الإنسان يأمر نفسه وينهاها والأمر والنهي طلب مع أن فوقه آمرا وناهيا فكيف يستحيل ممن لا آمر فوقه ولا ناه أن يطلب من نفسه فعل ما يحبه وترك ما يبغضه وإذا عرف هذا عرف سر سلامه تبارك وتعالى على أنبيائه ورسله وأنه طلب من نفسه لهم السلامة فإن لم يتسع لهذا ذهنك فسأزيدك إيضاحا وبيانا وهو أنه قد أخبر سبحانه في كتابه أنه كتب على نفسه الرحمة وهذا إيجاب منه على نفسه فهو الموجب وهو متعلق الإيجاب الذي أوجبه فأوجب بنفسه على نفسه وقد أكد النبي ﷺ هذا المعنى بما يوضحه كل الإيضاح ويكشف حقيقته بقوله في الحديث الصحيح: "لما قضى الله الخلق بيده على نفسه في كتاب فهو موضوع عنده فوق العرش إن رحمتي تغلب غضبي : وفي لفظ "سبقت غضبي" رواه البخاري ومسلم والترمذي فتأمل: كيف أكد هذا الطلب والإيجاب