قال شهابُ الدين : والذي يظهر أن كلام الزمخشري صَحِيحٌ ولكن فيه حذفٌ، وتقديره : لا يُؤاخذ كل واحد : أنت ولا هم بِحِسَابِ صاحبه، وتكون " أنت ولا هُمْ " بَدَلاً من " كل واحد "، والضمير في صاحبه عائدٌ على [ قوله :] " كل واحدٍ "، ثم إنه وقع [ في ] محذور آخر مما أصْلَحَ به كلام الزمخشري، وذلك أنه قال : ولا تُؤاخذ أنت وَلاَ هُمْ بحسابكم، وهذا التركيب يحتمل أن يكون المرادن بل الظَّاهِرُ نَفْيُ المُؤاخَذَةِ بحساب كُلِّ واحدٍ بالنسبة إلى نفسه هو، لا أن كُلّ واحدٍ غير مُؤاخذ بحساب غيره، والمعنى الثَّاني هُوَ المقصود.
والضمائر الثلاثة، أعني التي في قوله :" مِنْ حِسَابِهِمْ " و" عليهم " و" فتطردهم " أيضاً عَوْدُهَا على نوع واحد، وهم الذين يدعون ربَّهم، وبه قال الطبري إلاَّ أنَّهُ فَسَّرَ الحِسابَ بالرِّزْقِ الدُّنْيوي.
وقال الزمخشري، وابن عطية :" إنَّ الضَّمِيريْنَ الأوَّلَيْن يعودان على المشركين، والثالث يعود على الداعين ".
قال أبو حيَّان :" وقيل : الضمير في " حسابهم "، و" عليهم " عائد على [ المشركين ] [ وتكون الجملتان اعْتِرَاضاَ بين النَّهْي وجوابه "، وظاهر عبارته أن الجملتين لا تكونان اعْتِرَاضاً على اعتقادر كون الضميرين في " حِسَابِهِمْ "، و" عليهم " عائدين على المشركين ].
وليس الأمر كذلك، بل هما اعْتَرَاضٌ بين النَّهْيِ، وهو " ولا تَطْرُدْ " وبين جوابه وهو " فتكون "، وإن كانت الضمائر كلها للمؤمنين.
ويّدُلُّ على ذلك أنه قال بَعْدَ ذلك في " فتكون " : وجوِّز أن تكون جواباً للنهي في قوله :" ولا تطرد "، وتكون الجملاتن، وجوابُ الأول اعْتِرَاضاً بين النَّهْي وجوابه، فحعلهما اعراضاً مُطْلَقاً من غير نَظَرٍ إلى الضميرين، ويعني بالجملتين " ما عليك من حِسَابِهِمْ من شيء " و" من حسابك عليم من شيء " وبجواب الأول قوله :" فتطردهم ".
قوله :" فتطردهم " فيه وجهان :


الصفحة التالية
Icon