﴿ لّيَقُولواْ ﴾ أي البعض الأولون مشيرين إلى الآخرين محقرين لهم ﴿ أَهَؤُلاء مَنَّ الله عَلَيْهِم ﴾ بأن وفقهم لإصابة الحق والفوز بما يسعدهم عنده سبحانه ﴿ مّن بَيْنِنَا ﴾ أي من دوننا ونحن المقدمون والرؤساء وهم العبيد والفقراء وغرضهم بذلك إنكار المن رأساً على حد قولهم :﴿ لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ ﴾ [ الأحقاف : ١١ ] لا تحقير الممنون عليهم مع الإعتراف بوقوعه بطريق الاعتراض عليه سبحانه، وذكر الإمام "أنه سبحانه وتعالى بين في هذه الآية أن كلاً من الفريقين المؤمنين والكفار مبتلى بصاحبه فأولئك الكفار الرؤساء الأغنياء كانوا يحسدون فقراء الصحابة رضي الله تعالى عنهم على كونهم سابقين في الإسلام متسارعين إلى قبوله فقالوا : لو دخلنا في الإسلام لوجب علينا أن ننقاد لهؤلاء الفقراء وكان ذلك يشق عليهم.
ونظيره قوله تعالى :﴿ أَؤُلْقِيَ الذّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ ﴾ [ القمر : ٢٥ ].
و﴿ لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ ﴾ وأما فقراء الصحابة فكانوا يرون أولئك الكفار في الراحة والمسرة والخصب والسعة فكانوا يقولون : كيف حصلت هذه الأحوال لهؤلاء الكفار مع أنا ( بقينا ) في الشدة والضيق والقلة...
وأما المحققون المحقون فهم الذين يعلمون أن كل ما فعله الله تعالى فهو حق وصدق وحكمة وصواب ولا اعتراض عليه إما بحكم المالكية كما نقول أو بحسب المصلحة كما يقول المعتزلة" انتهى.
وفيه نظر لأن صدر كلامه صريح في أن الكفار معترفون بوقوع المن للمشار إليهم حاسدون لهم على وقوعه وهو مناف لتنظيره بقولهم :﴿ لَوْ كَانَ خَيْراً ﴾ الخ.


الصفحة التالية
Icon