ويطلق بمعنى الكلام الفاصل بين الحقّ والباطل، والصواب والخطأ، ومنه قوله تعالى :﴿ وآتيناه الحكمة وفصْلَ الخطاب ﴾ [ ص : ٢٠ ] وقوله :﴿ إنَّه لَقَوْل فصْل ﴾ [ الطارق : ١٣ ].
فمعنى ﴿ خير الفاصلين ﴾ يشمل القول الحقّ والقضاء العدل. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٦ صـ ﴾
فصل
قال الفخر :
احتج أصحابنا بقوله :﴿إِنِ الحكم إِلاَّ للَّهِ﴾ على أنه لا يقدر العبد على أمر من الأمور إلا إذا قضى الله به، فيمتنع منه فعل الكفر إلا إذا قضى الله به وحكم به.
وكذلك في جميع الأفعال.
والدليل عليه أنه تعالى قال :﴿إِنِ الحكم إِلاَّ للَّهِ﴾ وهذا يفيد الحصر، بمعنى أنه لا حكم إلا لله.
واحتج المعتزلة بقوله :﴿يَقْضِى الحق﴾ ومعناه أن كل ما قضى به فهو الحق.
وهذا يقتضي أن لا يريد الكفر من الكافر.
ولا المعصية من العاصي لأن ذلك ليس الحق. والله أعلم.
فصل :
قرأ ابن كثير ونافع وعاصم ﴿يَقُصُّ الحق﴾ بالصاد من القصص، يعني أن كل ما أنبأ الله به وأمر به فهو من أقاصيص الحق، كقوله :﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القصص﴾ [ يوسف : ٣ ] وقرأ الباقون ﴿يَقْضِ الحق﴾ والمكتوب في المصاحف "يقض" بغير ياء لأنها سقطت في اللفظ لالتقاء الساكنين كما كتبوا ﴿سَنَدْعُ الزبانية﴾ [ العلق : ١٨ ] ﴿فما تغن النذر﴾ [ القمر : ٥ ] وقوله :﴿يقضى الحق﴾ قال الزجاج : فيه وجهان : جائز أن يكون ﴿الحق﴾ صفة المصدر والتقدير : يقض القضاء الحق.
ويجوز أن يكون ﴿يقضى الحق﴾ يصنع الحق، لأن كل شيء صنعه الله فهو حق.
وعلى هذا التقدير ﴿الحق﴾ يكون مفعولاً به وقضى بمعنى صنع.
قال الهذلي :
وعليهما مسرودتان قضاهما.. داود أو صنع السوابغ تبع
أي صنعهما داود واحتج أبو عمرو على هذه القراءة بقوله :﴿وَهُوَ خَيْرُ الفاصلين﴾ قال والفصل يكون في القضاء، لا في القصص.
أجاب أبو علي الفارسي فقال القصص ههنا بمعنى القول.
وقد جاء الفصل في القول قال تعالى :﴿إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ﴾ [ الطارق : ١٣ ] وقال :﴿أُحْكِمَتْ ءاياته ثم فُصِلَتْ﴾ [ هود : ١ ] وقال :﴿نُفَصِّلُ الآيات﴾ [ الأعراف : ٣٢ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ٧﴾. بتصرف يسير.