(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) أَيْ : وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا الَّتِي أَرْسَلْنَا بِهَا الرُّسُلَ يُصِيبُهُمُ الْعَذَابُ فِي الدُّنْيَا أَحْيَانًا، وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ الْجُحُودِ وَالْعِنَادِ الَّذِي يَكُونُ فِي الْمَجْمُوعِ دُونَ بَعْضِ الْأَفْرَادِ، وَفِي الْآخِرَةِ عَلَى سَبِيلِ الشُّمُولِ وَالِاطِّرَادِ، وَذَلِكَ بِسَبَبِ فِسْقِهِمْ، أَيْ كُفْرِهِمْ وَإِفْسَادِهِمْ، فَهَؤُلَاءِ قَدْ ذُكِرُوا فِي مُقَابِلِ الَّذِينَ آمَنُوا وَأَصْلَحُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَعْمَالَهُمْ وَمُعَامَلَاتِهِمْ، فَالتَّكْذِيبُ يُقَابِلُ الْإِيمَانَ، وَالْفِسْقُ يُقَابِلُ الْإِصْلَاحَ، وَإِنْ كَانَ أَعَمَّ مِنْهُ فِي اللُّغَةِ وَالِاصْطِلَاحِ، فَهُوَ يُطْلَقُ عَلَى الْكُفْرِ وَالْخُرُوجِ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَسَّرَ ابْنُ زَيْدٍ الْفِسْقَ بِالْكَذِبِ هُنَا وَفِي كُلِّ الْقُرْآنِ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ غَيْرُ مُسَلَّمٍ.
وَالْمَسُّ : اللَّمْسُ بِالْيَدِ وَمَا يُدْرَكُ بِهِ، وَيُطْلَقُ عَلَى مَا يُصِيبُ الْمُدْرِكَ مِمَّا يَسُوءُهُ غَالِبًا مِنْ ضُرٍّ، وَشَرٍّ، وَكِبَرٍ، وَنَصَبٍ، وَلُغُوبٍ، وَعَذَابِ الضَّرَّاءِ وَالْبَأْسَاءِ، وَهَذَا الِاسْتِعْمَالُ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ يُعَدُّ بِالْعَشَرَاتِ، وَيُسْنَدُ الْفِعْلُ إِلَى سَبَبِ السُّوءِ وَالْأَلَمِ، وَقَدْ أُسْنِدَ إِلَى مَا يَسُرُّ فِي مُقَابَلَةِ إِسْنَادِهِ
إِلَى مَا يَسُوءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :(إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا) (٣ : ١٢٠) وَفِي الْآيَةِ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ وَقَدْ


الصفحة التالية
Icon