إِنَّ الْآيَاتِ الْأَرْبَعَ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ الْآيَاتِ قَدْ بَيَّنَتْ أَرْكَانَ الدِّينِ وَأُصُولَ الْعَقَائِدِ، وَهِيَ تَوْحِيدُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالرِّسَالَةُ أَوْ وَظِيفَةُ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَالْجَزَاءُ عَلَى الْأَعْمَالِ، وَقَدْ جَاءَتِ الْآيَتَانِ الْأُولَيَانِ مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ الْأَرْبَعِ بَعْدَهُنَّ مُفَصَّلَتَيْنِ لِمَا فِيهِنَّ
مِنْ بَيَانِ وَظِيفَةِ الرُّسُلِ الْعَامَّةِ بِتَطْبِيقِهَا عَلَى خَاتَمِ الرُّسُلِ - صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى
آلِهِ - وَإِزَالَةُ أَوْهَامِ النَّاسِ فِيهَا، وَمِنْ بَيَانِ أَمْرِ الْجَزَاءِ فِي الْآخِرَةِ، وَكَوْنِ الْأَمْرِ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَزِيدُ عَقِيدَةَ التَّوْحِيدِ تَقْرِيرًا وَتَأْكِيدًا وَبَيَانًا وَتَفْصِيلًا، وَذَهَبَ الرَّازِيُّ إِلَى أَنَّ هَذَا مِنْ بَقِيَّةِ الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ :(وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهْ) (٣٧) وَمَا قُلْنَاهُ أَظْهَرُ. وَقَدْ بُدِئَتِ الْآيَةُ الْأَوْلَى بِالْأَمْرِ بِالْقَوْلِ - عَلَى مَا عَلِمْنَا مِنْ أُسْلُوبِ هَذِهِ السُّورَةِ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا التَّبْلِيغُ - فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ :


الصفحة التالية
Icon