فقال :﴿قُلْ إِنّى نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الذين تَدْعُونَ مِن دُونِ الله﴾ وبين أن الذين يعبدونها إنما يعبدونها بناء على محض الهوى والتقليد، لا على سبيل الحجة والدليل، لأنها جمادات وأحجار وهي أخس مرتبة من الإنسان بكثير، وكون الأشرف مشتغلاً بعبادة الأخس أمر يدفعه صريح العقل.
وأيضاً أن القوم كانوا ينحتون تلك الأصنام ويركبونها، ومن المعلوم بالبديهة أنه يقبح من هذا العامل الصانع أن يعبد معموله ومصنوعه.
فثبت أن عبادتها مبنية على الهوى.
ومضادة للهدى، وهذا هو المراد من قوله ﴿قُلْ لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ﴾ ثم قال :﴿قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَمَا أَنَاْ مِنَ المهتدين﴾ أي إن اتبعت أهواءكم فأنا ضال وما أنا من المهتدين في شيء.
والمقصود كأنه يقول لهم أنتم كذلك. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ٧﴾
وقال أبو حيان :
﴿ قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله ﴾
أمره تعالى أن يجاهرهم بالتبري من عبادتهم غير الله، ولما ذكر تعالى تفصيل الآيات لتستبين سبيل المبطل من المحق نهاه عن سلوك سبيلهم ومعنى نهيت زجرت.
قال الزمخشري : بما ركب في من أدلة العقل وبما أوتيت من أدلة السمع والذين يدعون هم الأصنام، عبر عنها بالذين على زعم الكفار حين أنزلوها منزلة من يعقل و﴿ تدعون ﴾.
قال ابن عباس : معناه تعبدون.
وقيل : تسمونهم آلهة من دعوت ولدي زيداً سميته.
وقيل : يدعون في أموركم وحوائجكم وفي قوله :﴿ تدعون من دون الله ﴾ استجهال لهم ووصف بالاقتحام فيما كانوا منه على غير بصيرة، ولفظة ﴿ نهيت ﴾ أبلغ من النفي بلا ﴿ أعبد ﴾ إذ فيه ورود تكليف.