والإرسال حقيقته إطلاق الشيء بما حمل من الرسالة ؛ فإرسال الملائكة بما حملوا من الحفظ الذي أمروا به، كما قال :﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ﴾ أي ملائكة تحفظ أعمال العباد وتحفظهم من الآفات.
والحَفَظة جمع حافظ، مثل الكَتَبة والكاتب.
ويقال : إنهما مَلَكان بالليل ومَلَكان بالنهار، يكتب أحدهما الخير والآخر الشر، وإذا مشى الإنسان يكون أحدهما بين يديه والآخر وراءه، وإذا جلس يكون أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله ؛ لقوله تعالى :﴿ عَنِ اليمين وَعَنِ الشمال قَعِيدٌ ﴾ الآية.
ويقال : لكل إنسان خمسة من الملائكة : اثنان بالليل، واثنان بالنهار، والخامس لا يفارقه ليلا ولا نهارا. والله أعلم.
وقال عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) :
ومن الناس مَن يعيش شقِيّاً...
جاهلَ القلب غافل اليقظَهْ
فإذا كان ذا وفاء ورأيٍ...
حذِر الموتَ واتقى الحفظه
إنما الناس راحل ومقيم...
فالذي بَانَ للمقيم عِظه. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال الخازن :
قوله تعالى :﴿ وهو القاهر فوق عباده ﴾ يعني وهو العالي عليهم بقدرته لأن كل من قهر شيئاً وغلبه فهو مستعلٍ عليه بالقهر والقدرة.
فهو كما يقال : أمرُ فلانٍ فوقَ أمرِ فلانٍ، يعني : أنه أقدر منه.
وأغلب هذا مذهب أهل التأويل في معنى لفظة فوق في قوله :﴿ وهو القاهر فوق عباده ﴾ وأما مذهب السلف.
فيها : فإمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تأويل ولا إطلاق على جهة والقاهر هو الغالب لغيره المذلل له والله تعالى هو القاهر لخلقه وقهر كل شيء بضده فقهر الحياة بالموت والإيجاد بالإعدام والغنى بالفقر والنور بالظلمة.