وقال أبو السعود :
﴿ قُلْ مَن يُنَجّيكُمْ مّن ظلمات البر والبحر ﴾ أي قل تقريراً لهم بانحطاط شركائِهم عن رتبةِ الإلهية مَنْ ينجِّيكم من شدائدهما الهائلةِ التي تُبطل الحواسَّ وتَدْحَض العقولَ، ولذلك استُعير لها الظلماتُ المبطلةُ لحاسةِ البصَر، يقال لليوم الشديد : يومٌ مظلم ويومٌ ذو كواكبَ أو من الخسف في البر والغرقِ في البحر، وقرىء ينْجيكم من الإنجاء والمعنى واحد وقوله تعالى :﴿ تَدْعُونَهُ ﴾ نصبٌ على الحالية من مفعول ( ينجِّيكم ) والضميرُ ( لمن ) أي مَن ينجّيكم منها حال كونكم داعين له، أو من فاعله أي مَنْ ينجِّيكم منها حال كونه مدعواً من جهتكم وقوله تعالى :﴿ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ﴾ إما حالٌ من فاعل تدعونه أو مصدرٌ مؤكِّد له، أي تدعونه متضرعين جِهاراً ومُسِرِّين أو تدعونه دعاءَ إعلانٍ وإخفاء، وقرىء ( خِفية ) بكسر الخاء وقوله تعالى :﴿ لَّئِنْ أنجانا ﴾ حال من الفاعل أيضاً على تقدير القول أي تدعونه قائلين : لئن أنجيتنا ﴿ مِنْ هذه ﴾ الشدة والورطة التي عبر عنها بالظلمات ﴿ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشاكرين ﴾ أي الراسخين في الشكر المداومين عليه لأجل هذه النعمةِ أو جميع النعماءِ التي من جملتها هذه، وقرىء لئن أنجانا مراعاة لقوله تعالى :﴿ تَدْعُونَهُ ﴾. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon