وقال الآلوسى :
﴿ وَهُوَ الذى يتوفاكم بالليل ﴾ أي ينيمكم فيه كما نقل عن الزجاج والجبائي، ففيه استعارة تبعية حيث استعير التوفي من الموت للنوم لما بينهما من المشاركة في زوال إحساس الحواس الظاهرة والتمييز، قيل : والباطنة أيضاً، وأصله قبض الشيء بتمامه، ويقال : توفيت الشيء واستوفيته بمعنى.
﴿ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بالنهار ﴾ أي ما كسبتم وعملتم فيه من الإثم كما أخرج ذلك ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وقتادة، وهو الذي يقتضيه سياق الآية فإنه للتهديد والتوبيخ، ولهذا أوثر ﴿ يتوفاكم ﴾ على ينيمكم ونحوه و﴿ جَرَحْتُم ﴾ على كسبتم إدخالاً للمخاطبين الكفرة في جنس جوارح الطير والسباع، وبعضهم يجعل الخطاب عاماً والمراد من الليل والنهار الجنس المتحقق في كل فرد من أفرادهما ؛ إذ بالتوفي والبعث الموجودين فيهما يتحقق قضاء الأجل المسمى المترتب عليهما، والباء في الموضعين بمعنى في كما أشرنا إليه.
والمراد بعلمه سبحانه ذلك كما قيل : علمه قبل الجرح كما يلوح به تقديم ذكره على البعث أي يعلم ما تجرحون ( بالنهار ) وصيغة الماضي للدلالة على التحقق، وتخصيص التوفي بالليل والجرح بالنهار للجري على السنن المعتاد وإلا فقد يعكس.
﴿ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ ﴾ أي يوقظكم في النهار، وهل هو حقيقة في هذا المعنى أو مجاز فيه قولان.
والمتبادر منه في عرف الشرع إحياء الموتى في الآخرة وجعلوه ترشيحاً للتوفي وهو ظاهر جداً على المتبادر في عرف الشرع لاختصاصه بالمشبه به.
ويقال على غيره : إنه لا يشترط في الترشيح اختصاصه بالمشبه به بل أن يكون أخص به بوجه كما قرروه في قوله


الصفحة التالية
Icon