﴿ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً ﴾ وروي عن أبي عبد الله المدنِيّ "أو يُلبسكم" بضم الياء، أي يجلّلكم العذاب ويعمّكم به، وهذا من اللُّبس بضم الأوّل، وقراءة الفتح من اللَّبْس.
وهو موضع مشكِل والأعراب يبيّنه.
أي يَلبس عليكم أمركم، فحذف أحد المفعولين وحرف الجر ؛ كما قال :﴿ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ ﴾ [ المطففين : ٣ ] وهذا اللَّبس بأن يخلط أمرهم فيجعلهم مختلِفي الأهواء ؛ عن ابن عباس.
وقيل : معنى "يلبسكم شيعاً" يقوّي عدوّكم حتى يخالطكم وإذا خالطكم فقد لبِسكم.
﴿ شِيَعاً ﴾ معناه فِرقاً.
وقيل يجعلكم فرقاً يقاتل بعضكم بعضاً ؛ وذلك بتخليط أمرهم وافتراق أمرائهم على طلب الدنيا.
وهو معنى قوله ﴿ وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ﴾ أي بالحرب والقتل في الفتنة ؛ عن مجاهد.
والآية عامّة في المسلمين والكفار.
وقيل هي في الكفار خاصّةً.
وقال الحسن : هي في أهل الصلاة.
قلت : وهو الصحيح ؛ فإنه المشاهد في الوجود، فقد لَبِسنا العدوّ في ديارنا واستولى على أنفسنا وأموالنا، مع الفتنة المستولية علينا بقتل بعضنا بعضاً واستباحة بعضنا أموال بعض.
نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
وعن الحسن أيضاً أنه تأوّل ذلك فيما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم.