فصل


قال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ﴾
في سبب نزولها ثلاثة أقوال.
أحدها : أن المسلمين قالوا : لئن كنا كلما استهزأ المشركون بالقرآن، وخاضوا فيه، فمنعناهم، لم نستطع أن نجلس في المسجد الحرام، ولا أن نطوف بالبيت، فنزلت هذه الآية.
والثاني : أن المسلمين قالوا : إنا نخاف الإثم إن لم ننههم عن الخوض، فنزلت هذه الآية.
والثالث : أن المسلمين قالوا : لو قمنا عنهم إذا خاضوا فانا نخشى الإثم في مجالستهم، فنزلت هذه الآية.
هذا عن مقاتل، والأولان عن ابن عباس.
قوله تعالى :﴿ وما على الذين يتقون ﴾ فيه قولان.
أحدهما : يتقون الشرك.
والثاني : يتقون الخوض.
قوله تعالى :﴿ من حسابهم ﴾ يعني : حساب الخائضين.
وفي ﴿ حسابهم ﴾ قولان.
أحدهما : أنه كفرهم وآثامهم.
والثاني : عقوبة خوضهم.
قوله تعالى :﴿ ولكن ذكرى ﴾ أي : ولكن عليكم أن تذكروهم.
وفيما تذكرونهم به قولان.
أحدهما : المواعظ.
والثاني : قيامكم عنهم.
قال مقاتل : إذا قمتم عنهم، منعهم من الخوض الحياء منكم، والرغبة في مجالستكم.
قوله تعالى :﴿ لعلهم يتقون ﴾ فيه قولان.
أحدهما : يتقون الاستهزاء.
والثاني : يتقون الوعيد.

فصل


وقد ذهب قوم إلى أن هذه الآية منسوخة، لأنها اقتضت جواز مجالسة الخائضين والاقتصار على تذكيرهم، ثم نسخت بقوله :﴿ وقد نَزَّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكفَر بها ويُستهزَأ بها فلا تقعدوا معهم ﴾ [ النساء : ١٤٠ ] والصحيح أنها محكمة، لأنها خبر، وإنما دلت على أن كل عبد يختص بحساب نفسه، ولا يلزمه حساب غيره. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon