و ﴿ ذِكْرَى ﴾ في موضع نصب على المصدر، ويجوز أن تكون في موضع رفع ؛ أي ولكن الذي يفعلونه ذكرى، أي ولكن عليهم ذكرى.
وقال الكسِائِيّ : المعنى ولكن هذه ذكرى. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ﴾ ﴿ الذين يتقون ﴾ هم المؤمنون والضمير في ﴿ حسابهم ﴾ عائد على المستهزئين الخائضين في الآيات.
وروي أن المؤمنين قالوا : لما نزلت ﴿ فلا تقعدوا معهم ﴾ لا يمكننا طواف ولا عبادة في الحرم فنزلت ﴿ وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ﴾ فأبيح لهم قدر ما يحتاج إليه من التصرف بينهم في العبادة ونحوها، والظاهر أن حكم الرسول موافق لحكم غيره لاندراجه في قوله :﴿ وما على الذين يتقون ﴾ أمر هو ﷺ بالإعراض عنهم حتى إن عرض نسيان وذكر فلا تقعد معهم.
وقيل : للمتقين وهو رأسهم أي ما عليكم من حسابهم من شيء.
﴿ ولكن ذكرى ﴾ أي ولكن عليكم أن تذكروهم ذكرى إذا سمعتموهم يخوضون بأن تقوموا عنهم وتظهروا كراهة فعلهم وتعظوهم.
﴿ لعلهم يتقون ﴾ أي لعلهم يجتنبون الخوض في الآيات حياء منكم ورغبة في مجالستكم قاله مقاتل، أو ﴿ لعلهم يتقون ﴾ الوعيد بتذكيركم إياهم.
وقيل : المعنى لا تقعدوا معهم ولا تقربوهم حتى لا تسمعوا استهزاءهم وخوضهم، وليس نهيكم عن القعود لأن عليكم شيئاً من حسابهم وإنما هو ذكرى لكم لعلكم تتقون أي تثبتون على تقواكم وتزدادونها، فالضمير في ﴿ لعلهم ﴾ عائد على ﴿ الذين يتقون ﴾ ومن قال الخطاب في ﴿ وإذا رأيت ﴾ خاص بالرسول قال ﴿ الذين يتقون ﴾ للمؤمنين دونه ومعناها الإباحة لهم دونه كأنه قال : يا محمد لا تقعد معهم وأما المؤمنون فلا شيء عليهم من حسابهم فإن قعدوا فليذكروهم ﴿ لعلهم يتقون ﴾ الله في ترك ما هم عليه.