والبعض الأول على ما قيل الكفار والثاني المؤمنون ففيه حينئذ وعد ووعيد، وقيل : كلا البعضين من الكفار أي نذيق كلاً بأس الآخر ؛ وقيل البعضان من المؤمنين فقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن أنه قال في قوله سبحانه :﴿ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ﴾ هذا للمشركين وفي قوله تعالى :﴿ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ ﴾ الخ هذا للمسلمين ولا يخفى أنه تفكيك للنظم الكريم، ولعل مراد الحسن أن هذا يكون للمسلمين ويقع فيهم دون الأول، وأخرج ابن جرير عنه أيضاً أنه قال :"لما نزلت هذه الآية قام النبي ﷺ فتوضأ فسأل ربه عز وجل أن لا يرسل عليهم عذاباً من فوقهم أو من تحت أرجلهم ولا يلبس أمته شيعاً ويذيق بعضهم بأس بعض كما أذاق بني إسرائيل فهبط إليه ﷺ جبريل عليه السلام فقال : يا محمد إنك سألت ربك أربعاً فأعطاك اثنتين ومنعك اثنتين لن يأتيهم عذاب من فوقهم ولا من تحت أرجلهم يستأصلهم فإنهما عذابان لكل أمة استجمعت على تكذيب نبيها ورد كتاب ربها ولكنهم يلبسون شيعاً ويذيق بعضهم بأس بعض، وهذان عذابان لأهل الإقرار بالكتب والتصديق بالأنبياء عليهم السلام" وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم وصححه واللفظ له عن ثوبان أنه سمع رسول الله ﷺ يقول :" إن ربي زوى لي الأرض حتى رأيت مشارقها ومغاربها وأعطاني الكنزين الأحمر والأبيض وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة فأعطانيها وسألته أن لا يسلط عليهم عدواً من غيرهم فأعطانيها وسألته أن لا يذيق بعضهم بأس بعض فمنعنيها وقال : يا محمد إني إذا قضيت قضاء لم يرد إني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكها بسنة عامة ولا أظهر عليهم عدواً من غيرهم فيستبيحهم عامة ولو اجتمع من بين أقطارها حتى يكون بعضهم هو يهلك بعضاً وبعضهم هو يسبي بعضاً


الصفحة التالية
Icon