وذلك بزوال الأمن ودخول الفساد في أمور الأمّة، ولذلك يقرن الهَرْج وهو القتل بالمَرْج، وهو الخلط فيقال : هم في هَرْج ومَرْج، فسكون الراء في الثاني للمزاوجة.
وانتصب ﴿ شِيَعاً ﴾ على الحال من الضمير المنصوب في ﴿ يَلْبِسَكم ﴾.
والشيَع جمع شيعة بكسر الشين وهي الجماعة المتَّحدة في غرض أو عقيدة أو هوى فهم متّفقون عليه، قال تعالى :﴿ إنّ الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيَاً لست منهم في شيء ﴾ [ الأنعام : ١٥٩ ].
وشيعة الرجل أتباعه والمقتدون به قال تعالى :﴿ وإنّ من شيعته لإبراهيم ﴾ [ الصافات : ٨٣ ] أي من شيعة نوح.
وتشتّت الشيع وتعدّد الآراء أشدّ في اللبس والخلط، لأنّ اللبس الواقع كذلك لبس لا يرجى بعده انتظام.
وعطف عليه ﴿ ويذيق بعضَكم بأس بعض ﴾ لأنّ من عواقب ذلك اللبس التقاتل.
فالبأس هو القتل والشرّ، قال تعالى :﴿ وسرابيل تقيكم بأسكم ﴾ [ النحل : ٨١ ].
والإذاقة استعارة للألم.
وهذا تهديد للمشركين كما قلنا بطريق المجاز أو الكناية.
وقد وقع منه الأخير فإنّ المشركين ذاقوا بأس المسلمين يومَ بدر وفي غزوات كثيرة.
في "صحيح البخاري" عن جابر بن عبد الله قال :" لما نزلتْ ﴿ قُلْ هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم ﴾ قال رسول ﷺ أعوذُ بوجهك.
قال :﴿ أوْ من تحت أرجلكم ﴾ قال : أعوذ بوجهك قال :﴿ أو يلبِسكم شيعاً ويذيق بعضكم بأس بعض ﴾ قال رسول الله : هذا أهون، أو هذا أيسر "أ هـ.