وقرأ ابن مسعود كما رواه ابن جرير وابن الأنباري عن أبي إسحاق "بيناً" على أنه حال من الهدى أي واضحاً.
﴿ قُلْ ﴾ لهؤلاء الكفار ﴿ إِنَّ هُدَى الله ﴾ الذي هدانا إليه وهو الإسلام ﴿ هُوَ الهدى ﴾ أي وحده كما يدل عليه تعريف الطرفين أو ضمير الفصل وما عداه ضلال محض وغي صرف.
وتكرير الأمر للاعتناء بشأن المأمور به أو لأن ما سبق للزجر عن الشرك وهذا حث على الإسلام وهو توطئة لما بعده فإن اختصاص الهدى بهداه تعالى مما يوجب امتثال الأوامر بعده. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
وجملة :﴿ له أصحاب ﴾ حال ثانية، أي له رفقة معه حين أصابه استهواء الجنّ.
فجملة ﴿ يدعونه ﴾ صفة ل ﴿ أصحاب ﴾.
والدعاء : القول الدالّ على طلب عمل من المخاطب.
والهدى : ضدّ الضلال.
أي يدعونه إلى ما فيه هدَاه.
وإيثارُ لفظ ﴿ الهُدى ﴾ هنا لما فيه من المناسبة للحالة المشبَّهة.
ففي هذا اللفظ تجريد للتمثيلية كقوله تعالى :﴿ فلمّا أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم ﴾ في سورة [ البقرة : ١٧ ].
ولذلك كان لتعقيبه بقوله : قل إنّ هدى الله هو الهدى } وقع بديع.
وجوّز في "الكشاف" أن يكون الهدى مستعاراً للطريق المستقيم.
وجملة :﴿ ائتنا ﴾ بيان ل ﴿ يدعونه إلى الهدى ﴾ لأنّ الدعاء فيه معنى القول.
فصحّ أن يبيّن بما يقولونه إذا دعَوه، ولكونها بياناً فُصلت عن التي قبلها، وإنَّما احتاج إلى بيان الدعاء إلى الهدى لتمكِين التمثيل من ذهن السامع، لأنّ المجنون لا يخاطب بصريح المقصد فلا يدعى إلى الهدى بما يَفهم منه أنَّه ضالّ لأنّ من خُلق المجانين العناد والمكابرة، فلذلك يدعونه بما يفهم منه رغبتُهم في صحبته ومحبتُهم إيَّاه، فيقولون : ايتنا، حتَّى إذا تمكَّنوا منه أوثقوه وعادوا به إلى بيته.