وفوض تدبير كل قسم من أقسام ملك العالم إلى روح سماوي بعينه فيقولون مدبر البحار ملك، ومدبر الجبال ملك آخر، ومدبر الغيوم والأمطار ملك، ومدبر الأرزاق ملك، ومدبر الحروب والمقاتلات ملك آخر، فلما اعتقدوا ذلك اتخذوا لكل واحد من أولئك الملائكة صنماً مخصوصاً وهيكلاً مخصوصاً ويطلبون من كل صنم ما يليق بذلك الروح الفلكي من الآثار والتدبيرات، وللقوم تأويلات أخرى سوى هذه الثلاثة ذكرناها في أول سورة البقرة، ولنكتف ههنا بهذا القدر من البيان والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ٢٩ ـ ٣١﴾
فصل
قال الفخر :
ظاهر هذه الآية يدل على أن اسم والد إبراهيم هو آزر، ومنهم من قال اسمه تارح.
قال الزجاج : لا خلاف بين النسابين أن اسمه تارح، ومن الملحدة من جعل هذا طعناً في القرآن.
وقال هذا النسب خطأ وليس بصواب، وللعلماء ههنا مقامان :
المقام الأول : أن اسم والد إبراهيم عليه السلام هو آزر، وأما قولهم أجمع النسابون على أن اسمه كان تارح.
فنقول هذا ضعيف لأن ذلك الإجماع إنما حصل لأن بعضهم يقلد بعضاً، وبالآخرة يرجع ذلك الإجماع إلى قول الواحد والاثنين مثل قول وهب وكعب وغيرهما، وربما تعلقوا بما يجدونه من أخبار اليهود والنصارى، ولا عبرة بذلك في مقابلة صريح القرآن.
المقام الثاني : سلمنا أن اسمه كان تارح ثم لنا ههنا وجوه :
الوجه الأول : لعل والد إبراهيم كان مسمى بهذين الاسمين، فيحتمل أن يقال إن اسمه الأصلي كان آزر وجعل تارح لقباً له، فاشتهر هذا اللقب وخفي الاسم.
فالله تعالى ذكره بالاسم، ويحتمل أن يكون بالعكس، وهو أن تارح كان اسماً أصلياً وآزر كان لقباً غالباً.
فذكره الله تعالى بهذا اللقب الغالب.