لطيفة
قال القاسمى نقلا عن ابن المنير ( صاحب الانتصاف ) ما نصه :
وقد ورد الحديث الوارد فى الشفاعة أنهم يأتون إبراهيم ـ عليه السلام ـ فيلتمسون منه الشفاعة، فيقول : نفسى نفسى ويذكر كذباته الثلاث، ويقول لست لها، يريد قوله لسارة هى أختى، وإنما عنى : فى الإسلام. وقوله : إنه سقيم، وإنما عنى همه بقومه وبشركهم، والمؤمن يسقمه ذلك، وقوله :( بل فعله كبيرهم ) وقد ذكرت فيه وجوه من التعريض.
فإذا عد صلوات الله عليه وسلامه على نفسه هذه الكلمات، مع العلم بأنه غير مؤاخذ بها، دل ذلك على أنها أعظم ما صدر منه، فلو كان الأمر على ما يقال، من أن هذا الكلام محكى عنه على أنه نظره لنفسه، لكان أولى أن يعده، وأعظم، مما ذكرناه ؛ لأنه حينئذ يكون شكا، بل جزما على أن الصحيح أن الأنبياء قبل النبوة معصومون من ذلك. أ هـ ﴿محاسن التأويل حـ ٦ صـ ٤١٢﴾
وقال الماوردى :
قوله عز وجل :﴿ فَلمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيلُ رَءَا كَوْكَباً ﴾
قال مجاهد : ذكر لنا أنه رأى الزهرة طلعت عشاءً.
﴿ قَالَ هَذَا رَبِّي ﴾ ومعنى جَنَّ عليه الليل، أي ستره، ولذلك سمي البستان جَنَة لأن الشجر يسترها، والجِنُّ لاستتارهم عن العيون، والجُنُون لأنه يستر العقل، والجَنِين لأنه مستور في البطن، والمِجَنّ لأنه يستر المتترس، قال الهذلي :
وماء وردت قيل الكرى... وقد جنه السدف الأدهم
وفي قوله تعالى :﴿ هَذَا رَبِّي ﴾ خمسة أقاويل :
أحدها : أنه قال : هذا ربي في ظني، لأنه في حال تقليب واستدلال.
والثاني : أنه قال ذلك اعتقاداً أنه ربه، قاله ابن عباس.
والثالث : أنه قال ذلك في حال الطفولية والصغر، لأن أمه ولدته في مغارة حذراً عليه من نمرود، فلما خرج عنه قال هذا القول قبل قيام الحجة عليه، لأنها حال لا يصح فيها كفر ولا إيمان، ولا يجوز أن يكون قال ذلك بعد البلوغ.
والرابع : أنه لم يقل ذلك قول معتقد، وإنما قاله على وجه الإِنكار لعبادة الأصنام، فإذا كان الكوكب والشمس القمر وما لم تصنعه يد ولا عَمِلَه بشر لم تكن معبودة لزوالها، فالأصنام التي هي دونها أولى ألاّ تكون معبودة.
والخامس : أنه قال ذلك توبيخاً على وجه الإِنكار الذي يكون معه ألف الاستفهام وتقديره : أهذا ربي، كما قال الشاعر :
رفوني وقالوا يا خويلد لا ترع... فقلت وأنكرت الوجه هم هم
بمعنى أهم هم؟. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن عطية :
قوله تعالى :﴿ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ الليل ﴾