فسمي ذلك أفولاً لقربه من الأفول التام على تجوز في التسمية، ثم بزغت الشمس على ذلك، وهذا الترتيب يستقيم في الليلة الخامسة عشرة من الشهر إلى ليلة عشرين، وليس يترتب في ليلة واحدة كما أجمع أهل التفسير إلا في هذه الليالي، وبذلك التجوز في أفول القمر. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ فلما جنَّ عليه الليل ﴾
قال الزجاج : يقال جن عليه الليل، وأجنه الليل : إذا أظلم، حتى يستر بظلمته ؛ ويقال لكل ما ستر : جنّ، وأجنّ، والاختيار أن يقال : جنّ عليه الليل، وأجنه الليل.
الإشارة إلى بدء قصة إبراهيم عليه السلام.
روى أبو صالح عن ابن عباس قال : وُلد إبراهيم في زمن نُمروذ وكان لنمروذ، كُهَّان، فقالوا : له يولد في هذه السنة مولود يفسد آلهة أهل الأرض، ويدعوهم إلى غير دينهم، ويكون هلاك أهل بيتك على يده، فعزل النساء عن الرجال، ودخل آزر إلى بيته فوقع على زوجته، فحملت، فقال الكهان لنمروذ : إن الغلام قد حمل به الليلة.
فقال : كل من ولدت غلاما فاقتلوه.
فلما أخذ أُم إبراهيم المخاضُ، خرجت هاربة، فوضعته في نهر يابس، ولفّته في خرقة، ثم وضعته في حَلْفاء، وأخبرت به أباه، فأتاه، فحفر له سرباً، وسد عليه بصخرة، وكانت أُمه تختلف إليه فترضعه، حتى شب وتكلم، فقال لأُمه : من ربي؟ فقالت : أنا.
قال : فمن ربكِ؟ قالت : أبوك.
قال : فمن رب أبي؟ قالت : اسكت.
فسكت، فرجعت إلى زوجها، فقالت : إن الغلام الذي كنا نتحدث أنه يغير دين أهل الأرض، ابنك.
فأتاه، فقال له مثل ذلك.
فلما جنَّ عليه الليل، دنا من باب السرب، فنظر فرأى كوكباً.


الصفحة التالية
Icon