وقال القرطبى :
﴿ وَهُوَ الذي خَلَقَ السماوات والأرض ﴾
أي فهو الذي يجب أن يُعبد لا الأصنام.
ومعنى ﴿ بالحق ﴾ أي بكلمة الحق.
يعني قوله "كُنْ".
قوله تعالى :﴿ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ ﴾ أي واذكر يوم يقول كن.
أو اتقوا يوم يقول كن.
أو قَدِّر يوم يقول كن.
وقيل : هو عطف على الهاء في قوله :﴿ واتقوه ﴾.
قال الفراء :"كن فيكون" يقال : إنه للصُّور خاصَّة ؛ أي ويوم يقول للصُّور كن فيكون.
وقيل : المعنى فيكون جميع ما أراد من موت الناس وحياتهم.
وعلى هذين التأوِيلين يكون ﴿ قَوْلُهُ الحق ﴾ ابتداءً وخبراً.
وقيل : إن قوله تعالى :﴿ قَوْلُهُ ﴾ رفع بيكون ؛ أي فيكون ما يأمر به.
و"الْحَقُّ" من نعته.
ويكون التمام على هذا "فيكون قوله الحق".
وقرأ ابن عامر "فيكونَ" بالنصب، وهو إشارة إلى سرعة الحساب والبعث.
وقد تقدّم في "البقرة" القول فيه مستوفى.
قوله تعالى :﴿ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصور ﴾ أي وله المُلْك يومَ ينفخ في الصُّور.
أو وله الحق يوم ينفخ في الصور.
وقيل : هو بدل من "يوم يقول".
والصُّور قَرْن من نُور يُنفخ فيه، النفخة الأولى للفَناء والثانية للإنشاء.
وليس جمع صُورة كما زعم بعضهم ؛ أي ينفخ في صُور الموتى على ما نبيِّنه.
روى مُسْلم من حديث عبد الله بن عمرو :"...
ثم يُنفخ في الصُّور فلا يسمعه أحد إلا أصغى لِيتاً ورفَع ليتا قال وأوّل من يسمعه رجل يَلُوطُ حَوْض إبِلِه قال فَيَصْعَق ويَصْعَق الناسُ ثم يرسل الله أو قال ينزل الله مطراً كأنه الطّلُّ فَتنْبُت منه أجسادُ الناس ثم يُنفخ فيهِ أخرى فإذا هم قيام ينظرون" وذكر الحديث.
وكذا في التنزيل ﴿ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أخرى ﴾ [ الزمر : ٦٨ ] ولم يقل فيها ؛ فعُلم أنه ليس جمع الصُّورة.
والأمم مُجْمِعة على أن الذي يَنفخ في الصُّور إسرافيلُ عليه السلام.
قال أبو الْهَيْثم : من أنكر أن يكون الصُّور قَرْنا فهو كمن يُنكر العرش والميزان والصراط، وطلب لها تأويلات.
قال ابن فارس : الصُّور الذي في الحديث كالقَرْن يُنفَخ فيه، والصُّور جمع صُورة.