والقول الأول أصح لما تقدم في الحديث ولقوله تعالى في آية أخرى : ثم نفخ فيه أخرى : ولإجماع أهل السنة أن المراد بالصور هو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل نفختين، نفخة الصعق، ونفخة البعث للحساب.
وقوله تعالى :﴿ عالم الغيب والشهادة ﴾ يعني أنه تعالى ما غاب عن عباده وما يشاهدونه فلا يغيب عن عمله شيء ﴿ وهو الحكيم ﴾ يعني في جميع أفعاله وتدبير خلقه ﴿ الخبير ﴾ يعني بكل ما يفعلونه من خير أو شر. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ وهو الذي خلق السموات والأرض بالحق ﴾
لما ذكر تعالى أنه إلى جزائه يحشر العالم وهو منتهى ما يؤول إليه أمرهم ذكر مبتدأ وجود العالم واختراعه له بالحق أي بما هو حق لا عبث فيه ولا هو باطل أي لم يخلقهما باطلاً ولا عبثاً بل صدرا عن حكمة وصواب وليستدل بهما على وجود الصانع إذ هذه المخلوقات العظيمة الظاهر عليها سمات الحدوث لا بد لها من محدث واحد عالم قادر مريد سبحانه وعلا.
وقيل : معنى ﴿ بالحق ﴾ بكلامه في قوله للمخلوقات ﴿ كن ﴾ وفي قوله :﴿ ائتيا طوعاً أو كرهاً ﴾ والمراد في هذا ونحوه إنما هو إظهار انفعال ما يريد تعالى أن يفعله وإبرازه للوجود بسرعة وتنزيله منزلة ما يؤمر فيمتثل.
﴿ ويوم يقول كن فيكون قوله الحق ﴾ جوزوا في ﴿ يوم ﴾ أن يكون معمولاً لمفعول فعل محذوف وقدروه واذكر الإعادة يوم يقول : كن أي يوم يقول للأجساد كن معادة ويتم الكلام عند قوله :﴿ كن ﴾، ثم أخبر بأنه يكون قوله الحق الذي كان في الدنيا إخباراً بالإعادة فيكون قوله فاعلاً بفيكون أو يتم الكلام عند قوله :﴿ كن فيكون ﴾ ويكون ﴿ قوله الحق ﴾ مبتدأ وخبراً.
وقال الزجاج ﴿ يوم يقول ﴾ معطوف على الضمير من قوله ﴿ واتقوه ﴾ أي واتقوا عقابه والشدائد ويوم فيكون انتصابه على أنه مفعول به لا ظرف.