وقال الآلوسى :
﴿ فَلَمَّا رَأَى القمر بَازِغاً ﴾ أي مبتدأ في الطلوع منتشر الضوء، ولعله كما قال الأزهري مأخوذ من البزغ وهو الشق كأنه بنوره يشق الظلمة شقا ويقال.
بزغ الناب إذا ظهر وبزغ البيطار الدابة إذا أسال دمها.
ويقال : بزغ الدم أي سال، وعلى هذا فيمكن أن يكون بزوغ القمر مشبهاً بما ذكر وكلام الراغب صريح فيه، وظاهر الآية أن هذه الرؤية بعد غروب الكوكب.
وقوله سبحانه :﴿ قَالَ هذا رَبّى ﴾ جواب لما وهو على طرز الكلام السابق ﴿ فَلَمَّا أَفَلَ ﴾ كما أفل الكوكب ﴿ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِى رَبّى ﴾ إلى جنابه الحق الذي لا محيد عنه ﴿ لاَكُونَنَّ مِنَ القوم الضالين ﴾ فإن شيئاً مما رأيته لا يصلح للربوبية، وهذا مبالغة منه عليه السلام في النصفة، "وفيه كما قال الزمخشري تنبيه لقومه على أن من اتخذ القمر إلهاً وهو نظير الكواكب في الأفول فهو ضال"، "والتعريض بضلالهم هنا كما قال ابن المنير أصرح وأقوى من قوله أولا ﴿ لا أُحِبُّ الآفلين ﴾ [ الأنعام : ٧٦ ] وإنما ترقى عليه السلام إلى ذلك لأن الخصوم قد أقامت عليهم بالاستدلال الأول حجة فأنسوا بالقدح في معتقدهم ولو قيل هذا في الأول فلعلهم كانوا ينفرون ولا يصغون إلى الاستدلال، فما عرض لهم عليه السلام بأنهم على ضلالة إلا بعد أن وثق بإصغائهم إلى تمام المقصود واستماعهم له إلى آخره.
والدليل على ذلك أنه ﷺ ترقى في النوبة الثالثة إلى التصريح بالبراءة منهم ( والتصريح ) بأنهم على شرك حين تم قيام الحجة عليهم وتبلج الحق وبلغ من الظهور غايته.


الصفحة التالية
Icon