وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ فَلَماَّ رَأَى الشمس بَازِغَةً ﴾ نصب على الحال ؛ لأن هذا من رؤية العين.
بَزَغ يَبْزُغ بزوغاً إذا طلع.
وأفلَ يأفِلُ أفولاً إذا غاب.
وقال :"هذا" والشمس مؤنثة ؛ لقوله :﴿ فَلَمَّآ أَفَلَتْ ﴾.
فقيل : إن تأنيث الشمس لتفخيمها وعِظمها ؛ فهو كقولهم : رجل نَسّابة وعلاّمة.
وإنما قال :"هَذَا رَبِّي" على معنى : هذا الطالِعُ ربِّي ؛ قاله الكسائِيّ والأخفش.
وقال غيرهما : أي هذا الضوء.
قال أبو الحسن عليّ بن سليمان : أي هذا الشخص ؛ كما قال الأعشى :
قامت تبكِّيه على قبرِهِ...
مَن لِيَ مِن بعدِك يا عامِرُ
تركتَنِي في الدار ذا غُرْبةٍ...
قد ذَلّ من ليس له ناصرُ. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال أبو السعود :
﴿ فَلَمَّا رَأَى القمر بَازِغاً ﴾ أي مبتدئاً في الطلوعِ إثرَ غروبِ الكوكب ﴿ قَالَ هذا رَبّى ﴾ على الأسلوب السابق ﴿ فَلَمَّا أَفَلَ ﴾ كما أفل النجم ﴿ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِى رَبّى ﴾ إلى جَنابه الذي هو الحقُّ الذي لا محيدَ عنه ﴿ لاَكُونَنَّ مِنَ القوم الضالين ﴾ فإن شيئاً مما رأيته لا يليق بالربوبية، وهذا مبالغةٌ منه عليه السلام في إظهار النَّصَفة، ولعله عليه السلام كان إذ ذاك في موضعٍ كان في جانبه الغربيِّ جبلٌ شامخ يستتر به الكوكب والقمر وقت الظهر من النهار أو بعده بقليل، وكان الكوكب قريباً منه وأُفقُه الشرقيُّ مكشوفٌ أولاً وإلا فطلوعُ القمر بعد أفولِ الكوكب ثم أفولُه قبل طلوع الشمس كما ينبىء عنه قوله تعالى :﴿ فَلَماَّ رَأَى الشمس بَازِغَةً ﴾. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon