فصل
قال الفخر :
قوله :﴿هذا أَكْبَرُ﴾ المراد منه أكبر الكواكب جرماً وأقواها قوة، فكان أولى بالآلهية.
فإن قيل : لما كان الأفول حاصلاً في الشمس والأفول يمنع من صفة الربوبية، وإذا ثبت امتناع صفة الربوبية للشمس كان امتناع حصولها للقمر ولسائر الكواكب أولى.
وبهذا الطريق يظهر أن ذكر هذا الكلام في الشمس يغني عن ذكره في القمر والكواكب.
فلم لم يقتصر على ذكر الشمس رعاية للإيجاز والاختصار ؟
قلنا : إن الأخذ من الأدون فالأدون، مترقياً إلى الأعلى فالأعلى، له نوع تأثير في التقرير والبيان والتأكيد لا يحصل من غيره، فكان ذكره على هذا الوجه أولى. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ٤٧﴾
وقال الآلوسى :
وقوله تعالى :﴿ هذا أَكْبَرُ ﴾ تأكيد لما رامه عليه الصلاة والسلام من إظهار النصفة مع إشارة خفية كما قيل إلى فساد دينهم من جهة أخرى ببيان أن الأكبر أحق بالربوبية من الأصغر، وكون الشمس أكبر مما قبلها مما لا خفاء فيه، والآثار في مقدار جرمها مختلفة.
والذي عليه محققو أهل الهيئة أنها مائة وستة وستون مثلاً وربع وثمن مثل الأرض وست آلاف وستمائة وأربعة وأربعون مثلاً وثلثا مثل للقمر، وذكروا أن الأرض تسعة وثلاثون مثلاً وخمس وعشر مثل للقمر، وتحقيق ذلك في "شرح مختصر الهيئة" للبرجندي. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾
قوله تعالى ﴿قَالَ يَا قَوْمِ إِنّى بَرِىء مّمَّا تُشْرِكُونَ﴾
فصل
قال الفخر :
المعنى أنه لما ثبت بالدليل أن هذه الكواكب لا تصلح للربوبية والإلهية، لا جرم تبرأ من الشرك.
ولقائل أن يقول : هب أنه ثبت بالدليل أن الكواكب والشمس والقمر لا تصلح للربوبية والإلهية لكن لا يلزم من هذا القدر نفي الشريك مطلقاً وإثبات التوحيد، فلم فرع على قيام الدليل على كون هذه الكواكب غير صالحة للربوبية الجزم بإثبات التوحيد مطلقاً.
والجواب : أن القوم كانوا مساعدين على نفي سائر الشركاء وإنما نازعوا في هذه الصورة المعينة فلما ثبت بالدليل أن هذه الأشياء ليست أرباباً ولا آلهة، وثبت بالاتفاق نفي غيرها لا جرم حصل الجزم بنفي الشركاء على الإطلاق. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ٤٧﴾
وقال الآلوسى :