ومن فوائد أبى حيان فى الآية
قال رحمه الله :
﴿ فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر ﴾
المشهور في الشمس أنها مؤنثة.
وقيل : تذكر وتؤنث فأنثت أولاً على المشهور وذكرت في الإشارة على اللغة القليلة مراعاة ومناسبة للخبر، فرجحت لغة التذكير التي هي أقل على لغة التأنيث وأما من لم ير فيها إلا التأنيث.
فقال ابن عطية : ذكر أي هذا المرئي أو النير وقدره الأخفش، هذا الطالع، وقيل : الشمس بمعنى الضياء قال تعالى :﴿ جعل الشمس ضياء ﴾ فأشار إلى الضياء والضياء مذكر، وقال الزمخشري : جعل المبتدأ مثل الخبر لكونهما عبارة عن شيء واحد كقولهم : ما جاءت حاجتك وما كانت أمك، ولم تكن فتنتهم إلا أن قالوا وكان اختيار هذه الطريقة واجباً لصيانة الرب عن شبهة التأنيث ألا تراهم قالوا في صفة الله : علام ولم يقولوا علامة، وإن كان علامة أبلغ احترازاً من علامة التأنيث انتهى، ويمكن أن أكثر لغة الأعاجم لا يفرقون في الضمائر ولا في الإشارة بين المذكر والمؤنث، ولا علامة عندهم للتأنيث بل المذكر والمؤنث سواء في ذلك عندهم فلذلك أشار إلى المؤنث عندنا حين حكى كلام ابراهيم بما يشار به إلى المذكر، بل لو كان المؤنّث بفرج لم يكن لهم علامة تدل عليه في كلامهم وحين أخبر تعالى عنها بقوله ﴿ بازغة ﴾ و﴿ أفلت ﴾ أنث على مقتضى العربية إذ ليس ذلك بحكاية.
﴿ فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون ﴾ أي من الأجرام التي تجعلونها شركاء لخالقها، ولما أفلت الشمس لم يبق لهم شيء يمثل لهم به وظهرت حجته وقوي بذلك على منابذتهم تبرأ من إشراكهم، وقال الماتريدي : الاختيار أن يقال : استدل على عدم صلاحيتها للإلهية لغلبة نور القمر نور الزهرة ونور الشمس لنوره وقهرتيك بذاك وهذا بتلك، والرب لا يقهر والظلام غلب نور الشمس وقهره انتهى ملخصاً.