وأما السُّرْيَانِيَّةُ فذكر ابن سلام أنها سميت بذلك ؛ لأن الله - سبحانه وتعالى - حين علم آدم الأسماءَ علَّمهُ سِرَّا من الملائكة، وأنطقه بها حنيئذ، فَسُمِّيتِ السريانية لذلك، والله أعلم.
قوله :" هَذَا أكْبَرُ " أي : أكبر الكواكب جِرْماً، وقواها قولة، فكان أوْلَى بالإلهية، قوله :﴿ إِنِّي بريء مِّمَّا تُشْرِكُونَ ﴾ " ما " مصدرية، أي : بريء من إشراككم، أو موصولة أي : من الذين يشركونه مع الله في عبادةته، فحذف العائدن ويجوز أن تكون الموصوفة والعائد محذوف أيضاًن إلا أنَّ حَذْفَ عائد الصِّفَةِ أقل من حَذْفِ عائد الصِّلة، فالجملة بعدها لا محلًّ لها على القولين الأوَّليْنِ، ومحلها الجر على الثالث، ومعنى الكلام أنه لما ثبت بالدليل أن هذه الكواكب لا تصلح للرُّبُوبيَّةِ والإلهية، لا جَرَمَ تبَرَّأ من الشِّرْكِ. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٨ صـ ٢٤٩ ـ ٢٥١﴾
من لطائف الإمام القشيرى فى الآيات
قال عليه الرحمة :
﴿ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآَفِلِينَ (٧٦) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (٧٧) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٧٨) ﴾
يعني أحاطت به ( سجوف ) الطلب، ولم يتجل له بعد صباح الوجود، فطلع نجم العقول فشاهد الحق بسره بنور البرهان، فقال : هذا ربي ثم يزيد في ضيائه فطلع له قمر العلم فطالعه بشرط البيان، فقال :﴿ هَذَا رَبِّى ﴾.
ثم أسفر الصبح ومتع النهار فطلعت شموس العرفان من برج شرفها فلم يبقَ للطلب مكان، ولا للتجويز حكم، ولا للتهمة قرار فقال :﴿ يَا قَوْمِ إِنِّى بَرِئٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ ﴾ إذ ليس بعد العيان ريب، ولا عَقِبَ الظهور ستر.
ويقال قوله - عند شهود الكواكب والشمس والقمر - ﴿ هَذَا رَبِّى ﴾ إنه كان يلاحظ الآثار والأغيار بالله، ثم كان يرى الأشياء لله ومن الله، ثم طالع الأغيار محواً في الله. أ هـ ﴿لطائف الإشارات حـ ١ صـ ٤٨٥﴾


الصفحة التالية
Icon