والجملة تذييل لما تقدم وفيه لف ونشر مرتب هذا. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
وجملة :﴿ وهو الذي خلق السماوات ﴾ عطف على ﴿ وهو الذي إليه تحشرون ﴾، والقصر حقيقي إذ ليس ثم ردّ اعتقاد لأنّ المشركين يعترفون بأنّ الله هو الخالق للأشياء التي في السماء والأرض كما قدّمناه في أول السورة.
فالمقصود الاستدلال بالقصر على أنَّه هو المستحقّ للعبادة لأنّ الخلائق عبيده كقوله تعالى :﴿ أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكّرون ﴾ [ النحل : ١٧ ].
والباء من قوله :﴿ بالحقّ ﴾ للملابسة، والمجرور متعلّق بـ ﴿ خلَق ﴾ أو في موضع الحال من الضمير.
والحقّ في الأصل مصدر ( حقّ ) إذا ثبت، ثم صار اسماً للأمر الثاتب الذي لا يُنكر من إطلاق المصدر وإرادة اسم الفاعل مثل فلان عَدْل.
والحقّ ضدّ الباطل.
فالباطل اسم لضدّ ما يسمَّى به الحقّ فيطلق الحقّ إطلاقاً شائعاً على الفعل أو القول الذي هو عَدل وإعطاء المستحقّ ما يستحقّه، وهو حينئذٍ مرادف العدل ويقابله الباطل فيرادفُ الجَور والظلم، ويطلق الحق على الفعل أو القول السديد الصالح البالغ حدّ الإتقان والصواب، ويرادف الحكمة والحقيقة، ويقابله الباطل فيرادف العبث واللعبَ.
والحقّ في هذه الآية بالمعنى الثاني، كما في قوله تعالى :﴿ ما خلقناهما إلاّ بالحقّ ﴾ [ الدخان : ٣٩ ] بعد قوله :﴿ وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ﴾ [ الدخان : ٣٨ ] وكقوله :﴿ ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربّنا ما خلقت هذا باطلاً ﴾ [ آل عمران : ١٩١ ].


الصفحة التالية
Icon