فصل


قال ابن كثير :
﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِالْحَقِّ ﴾ أي : بالعدل، فهو خالقهما ومالكهما، والمدبر لهما ولمن فيهما.
وقوله :﴿ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ يعني : يوم القيامة، الذي يقول الله :﴿ كُنْ ﴾ فيكون عن أمره كلمح البصر، أو هو أقرب.
﴿ وَيَوْمَ ﴾ منصوب إما على العطف على قوله :﴿ وَاتَّقُوهُ ﴾ وتقديره : واتقوا يوم يقول كن فيكون، وإما على قوله :﴿ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ ﴾ أي : وخلق يوم يقول كن فيكون. فذكر بدء الخلق وإعادته، وهذا مناسب. وإما على إضمار فعل تقديره : واذكر يوم يقول كن فيكون.
وقوله :﴿ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ ﴾ جملتان محلهما الجر، على أنهما صفتان لرب العالمين.
وقوله :﴿ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ ﴾ يحتمل أن يكون بدلا من قوله :﴿ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ ﴿ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ ﴾ ويحتمل أن يكون ظرفًا لقوله :﴿ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ ﴾ كقوله ﴿ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ [غافر : ١٦]، وكقوله ﴿ الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا ﴾ [الفرقان : ٢٦]، وما أشبه ذلك.
واختلف المفسرون في قوله :﴿ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ ﴾ فقال بعضهم : المراد بالصور هاهنا جمع "صورة" أي : يوم ينفخ فيها فتحيا.
قال ابن جرير : كما يقال سور - لسور البلد هو جمع سورة. والصحيح أن المراد بالصور :"القَرْن" الذي ينفخ فيه إسرافيل، عليه السلام، قال ابن جرير : والصواب عندنا ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله ﷺ أنه قال :"إن إسرافيل قد التقم الصور وحنى جبهته، ينتظر متى يُؤمَر فينفخ".


الصفحة التالية
Icon