ثم يقضي الله [عَزَّ وجل] بين العباد، فكان أول ما يقضي فيه الدماء، ويأتي كلّ قتيل في سبيل الله، عَزَّ وجل، ويأمر الله [عَزَّ وجل] كلّ قتيل فيحمل رأسه تَشْخُب أو داجه يقول : يا رب، فيم قتلني هذا ؟ فيقول - وهو أعلم - : فيم قتلتهم ؟ فيقول : قتلتهم لتكون العزة لك. فيقول الله له : صدقت. فيجعل الله وجهه مثل نور الشمس، ثم تمر به الملائكة إلى الجنة.
ويأتي كل من قُتل على غير ذلك يحمل رأسه وتشخب أوداجه، فيقول : يا رب، [فيم] قتلني هذا ؟ فيقول - وهو أعلم - : لم قتلتهم ؟ فيقول : يا رب، قتلتهم لتكون العزة لك ولي. فيقول : تعست. ثم لا تبقى نفس قتلها إلا قتل بها، ولا مظلمة ظلمها إلا أخذ بها، وكان في مشيئة الله إن شاء عذبه، وإن شاء رحمه.
ثم يقضي الله تعالى بين من بقي من خلقه حتى لا تبقى مظلمة لأحد عند أحد إلا أخذها [الله] للمظلوم من الظالم، حتى إنه ليكلف شائب اللبن بالماء ثم يبيعه أن يخلص اللبن من الماء.
فإذا فرغ الله من ذلك، ناد مناد يسمع الخلائق كلهم : ألا ليلحق كل قوم بآلهتهم وما كانوا يعبدون من دون الله. فلا يبقى أحد عبد من دون الله إلا مثلت له آلهته بين يديه، ويجعل يومئذ ملك من الملائكة على صورة عُزَير، ويجعل ملك من الملائكة على صورة عيسى ابن مريم. ثم يتبع هذا اليهود وهذا النصارى، ثم قادتهم آلهتهم إلى النار، وهو الذي يقول [تعالى] ﴿ لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [الأنبياء : ٩٩].