ومن فوائد القاسمى فى الآية
قال رحمه الله :
قوله تعالى :﴿ وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ ﴾
أي : جادلوه، وأرادوا مغالبته بالحجة، فيما ذهب إليه من توحيد الله، ونفي الشركاء عنه، تارة بأدلة فاسدة واقفة في حضيض التقليد، وأخرى بالتخويف، وقد أشير إلى جواب كل منهما ﴿ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ ﴾ أي : أتجادلونني في توحيده، وقد هداني لإقامة الحجج، ورفع الشبه على نفي إلهية ما سواه، وقد ثبت أنها ناقصة في ذواتها، فكمالاتها من غيرها، ولا إلهية للناقص بالذات، لأن كماله لا يكون مطلقاً، و ( تحاجوني ) بإدغام نون الجمع في نون الوقاية، وقرئ بحذف الأولى.
وقوله تعالى :﴿ وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ ﴾ أي : لا أخاف معبوداتكم، لأنها جمادات لا تضر بنفسها ولا تنفع، وهو جواب عما خوفوه عليه الصلاة والسلام في أثناء المحاجة من إصابة مكروه من جهة أصنامهم، كما قال لهود عليه السلام قومه :﴿ إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ ﴾ [ هود : ٥٤ ]. وتخويفهم، وإن لم يسبق له ذكر فهم من قوله :﴿ وَلاَ أَخَافُ ﴾.
وقال ابن كثير : أي : ومن الدليل على بطلان قولكم ؛ إن هذه المعبودات لا تؤثر شيئاً، وأنا لا أخافها ولا أباليها، فإن كان لها كيد فكيدوني بها ولا تُنظرون. انتهى.
﴿ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً ﴾ أي : من إصابة مكروه بي من جهتها، وذلك إنما هو من جهته تعالى، من غير دخل لمعبوداتكم فيه أصلاً.