وفي " الانتصاف " : غاية خوف إبراهيم منها. المعلق على مشيئة الله تعالى لذلك، خوف الضرر عندها بقدرة الله تعالى، لا بها، وكأنه في الحقيقة لم يخف إلا من الله، لأن الخوف الذي أثبته منها معلق بمشيئة الله وقدرته، وهو كالخوف منها - والله أعلم -.
وقوله تعالى :﴿ وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً ﴾ كأنه علة الاستثناء، أي : أحاط بكل شيء علماً. فلا يبعد أن يكون في علمه إنزال المخوف بي من جهتها، أي : كرجمه بالنجوم لأنه إذا أحيل شيء إلى علم الله، أشعر بجواز وقوعه. وفي الإظهار في موضع الإضمار، مع التعرض لعنوان الربوبية، إظهار منه عليه الصلاة والسلام لانقياده لحكمه سبحانه وتعالى، واستسلام لأمره، واعتراف بكونه تحت ملكوته وربوبيته.
هذا وجعل المهايمي ذلك علة لاستدراك محذوف، لعلمه من المقام، حيث قال في الآية : ولا أخاف الضرر على نفسي من تأثير ما تشركون به، إلا أن يشاء ربي أن يجعل لهم شيئاً من التأثير، لكنه لا يشاء في شأني لأنه :﴿ وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً ﴾ فعلم أنه لو أوجد التأثير فيهم بما يضرون به من بعثه لتوحيده، صار محجوباً انتهى -والأول أقرب -.
﴿ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ ﴾ أي : تعتبرون بأن هذه المعبودات جمادات، لا تضر ولا تنفع، وأن النافع الضار هو الذي خلق السماوات والأرض. أ هـ ﴿محاسن التأويل حـ ٦ صـ ٤١٨ ـ ٤١٩﴾