وقوله :﴿مَا لَمْ يُنَزّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سلطانا﴾ فيه وجهان : الأول : أن قوله :﴿مَا لَمْ يُنَزّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سلطانا﴾ كناية عن امتناع وجود الحجة والسلطان في مثل هذه القصة.
ونظيره قوله تعالى :﴿وَمَن يَدْعُ مَعَ الله إلها ءَاخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ﴾ [ المؤمنون : ١١٧ ] والمراد منه امتناع حصول البرهان فيه، والثاني : أنه لا يمتنع عقلاً أن يؤمر باتخاذ تلك التماثيل والصور قبلة للدعاء والصلاة فقوله :﴿مَا لَمْ يُنَزّلْ بِهِ سلطانا﴾ معناه : عدم ورود الأمر به.
وحاصل هذا الكلام : مالكم تنكرون على الأمن في موضع الأمن، ولا تنكرون على أنفسكم الأمن في موضع الخوف ؟ ولم يقل : فأينا أحق بالأمن أنا أم أنتم ؟ احترازاً من تزكية نفسه فعدل عنه إلى قوله :﴿فَأَىُّ الفريقين﴾ يعني فريقي المشركين والموحدين.
ثم استأنف الجواب عن السؤال بقوله :﴿الذين ءامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إيمانهم بِظُلْمٍ﴾ وهذا من تمام كلام إبراهيم في المحاجة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ٤٩ ـ ٥٠﴾


الصفحة التالية
Icon