أما وجه تمسك أصحابنا فهو أن نقول إنه تعالى شرط في الإيمان الموجب للأمن عدم الظلم، ولو كان ترك الظلم أحد أجزاء مسمى الإيمان لكان هذا التقييد عبثاً، فثبت أن الفاسق مؤمن وبطل به قول المعتزلة، وأما وجه تمسك المعتزلة بها فهو أنه تعالى شرط في حصول الأمن حصول الأمرين، الإيمان وعدم الظلم، فوجب أن لا يحصل الأمن للفاسق وذلك يوجب حصول الوعيد له.
وأجاب أصحابنا عنه من وجهين :
الوجه الأول : أن قوله :﴿وَلَمْ يَلْبِسُواْ إيمانهم بِظُلْمٍ﴾ المراد من الظلم الشرك، لقوله تعالى حكاية عن لقمان إذ قال لابنه :﴿يا بنى لاَ تُشْرِكْ بالله إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [ لقمان : ١٣ ] فالمراد ههنا الذين آمنوا بالله ولم يثبتوا لله شريكاً في المعبودية.
والدليل على أن هذا هو المراد أن هذه القصة من أولها إلى آخرها إنما وردت في نفي الشركاء والأضداد والأنداد، وليس فيها ذكر الطاعات والعبادات، فوجب حمل الظلم ههنا على ذلك.
الوجه الثاني : في الجواب : أن وعيد الفاسق من أهل الصلاة يحتمل أن يعذبه الله، ويحتمل أن يعفو عنه، وعلى كلا التقديرين : فالأمن زائل والخوف حاصل، فلم يلزم من عدم الأمن القطع بحصول العذاب ؟ والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ٥٠﴾


الصفحة التالية
Icon