وقال أبو حيان :
﴿ الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ﴾
الظاهر أنه من كلام إبراهيم لما استفهمهم استفهام عالم بمن هو الآمن وأبرزه في صورة السائل الذي لا يعلم استأنف الجواب عن السؤال، وصرح بذلك المحتمل فقال : الفريق الذي هو أحق بالأمن هم الذين آمنوا، وقيل : هو من كلام قوم إبراهيم أجابوا بما هو حجة عليهم، وقيل : هو من كلام الله أمر إبراهيم أن يقوله لقومه أو قاله على جهة فصل القضاء بين خلقه وبين من حاجه قومه، واللبس الخلط و﴿ الذين آمنوا ﴾ : ابراهيم وأصحابه وليست في هذه الأمة قاله علي وعنه ابراهيم خاصة أو من هاجر إلى المدينة، قاله عكرمة أو عامة قاله بعضهم وهو الظاهر، والظلم هنا الشرك قاله ابن مسعود وأبيّ، وعن جماعة من الصحابة أنه لما نزلت أشفق الصحابة وقالوا : أينا لم يظلم نفسه فقال رسول الله ﷺ :" إنما ذلك كما قال لقمان :﴿ إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ " ولما قرأها عمر عظمت عليه فسأل أبياً فقال : إنه الشرك يا أمير المؤمنين فسرى عنه وجرى لزيد بن صوحان مع سلمان نحو مما جرى لعمر مع أبيّ، وقرأ مجاهد :﴿ ولم يلبسوا إيمانهم ﴾ بشرك ولعل ذلك تفسير معنى إذ هي قراءة تخالف السواد، وقال الزمخشري : أي لم يخلطوا إيمانهم بمعصية تفسقهم وأبى تفسير الظلم بالكفر لفظ اللبس انتهى، وهذه دفينة اعتزال أي إن الفاسق، ليس له الأمن إذا مات مصراً على الكبيرة، وقوله : وأبى تفسير الظلم بالكفر لفظ اللبس هذا رد على من فسر الظلم بالكفر، والشرك وهم الجمهور وقد فسره الرسول ﷺ بالشرك فوجب قبوله ولعل الزمخشري لم يصح له ذلك عن الرسول، وإنما جعله يأباه لفظ اللبس لأن اللبس هو الخلط فيمكن أن يكون الشخص في وقت واحد مؤمناً عاصياً معصية تفسقه، ولا يمكن أن يكون مؤمناً مشركاً في وقت واحد ﴿ ولم يلبسوا ﴾ يحتمل أن يكون معطوفاً على الصلة ويحتمل أن يكون حالاً دخلت واو الحال على الجملة المنفية بلم كقوله تعالى :{ أنى يكون لي غلام ولم


الصفحة التالية
Icon